مقاومة سلمية أم كفاح مسلح؟
الحياة الجديدة/صبري صيدم
لم يكن من الغريب في مؤتمر المقاومة الشعبية الرابع الذي انطلق في أريحا واختتم اعماله في كفر قدوم قبل أيام أن يطلب أحد الحضور الشباب حق الكلام معبراً عن ثورة عارمة في صدور أبناء جيله إزاء التعسف الإسرائيلي المستمر.
الشاب بدا بالنسبة للبعض وكأنه تجاوز حد اللباقة في عتبه على الفصائل الفلسطينية خلال ندوة جمعتنا جميعاً متهماً إياها بالتقصير ومذكراً ممثليها بالتاريخ المسلح لحركة فتح.
الشاب الثائر على الأحداث وسواء أسعفه الحديث باللباقة أم لا لم يكن بالنسبة للكثيرين سوى حالة ارتدادية لما تمارسه إسرائيل على الأرض.
فليس من السهل على أي فلسطينيٍ أصيل أن يرى ما يراه ولا ينتفض لمشاعره وجوارحه بدءا بمحمد أبو خضير ومروراً بحرب غزة ومصادرة الأراضي ودهس المستوطنين للأطفال والمدنيين وسرقة المنازل العربية في سلوان وتكرار اقتحام الأقصى والسعي لتقسيمه زمانياً ومكانياً وصولاً إلى قرارات التمدد الاستيطاني السرطاني اللئيم.
هذه الحالة الدراماتيكية والمصاحبة للتسابق الانتخابي الإسرائيلي وتوزيع نتنياهو لجوائز الاسترضاء على حلفاء ائتلافه، إنما تأتي في سياق السعي الصهيوني المحموم لافتعال مواجهة مسلحة مع الفلسطينيين حتى تعاود إسرائيل لعب دور الضحية بحجة الدفاع عن النفس وإقناع العالم بأنها تحارب "إرهاباً" موازياً للحرب العالمية على داعش.
ومع تحقق سيناريو كهذا ستكون حكومة الاحتلال قد تنصلت من الضغط الدولي المتصاعد عليها وأحبطت أية محاولة للفلسطينيين للتوجه إلى مجلس الأمن.
هذا التكتيك الإسرائيلي المعتاد والممجوج وإن بدا واضحاً للبعض فإنه لن يكون في ذهن الشباب الفلسطيني المنتفض راسخاً بالصورة التي يريدها البعض. لهذا لن يكون مستغرباً أن ينفجر الشباب الفلسطيني أمام ضراوة وبشاعة الضغط الإسرائيلي.
وفي أجواء الانفجار هذه يتحدث الشباب عن ثورة مسلحة تحاكي العمل التاريخي المسلح والمواجهة التي شهدتها تجربة غزة. ولو أنك تختار أن تخاطب حشداً في فلسطين مذكراً إياهم بالكفاح المسلح والعمليات العسكرية النوعية لوجدت دعماً جارفاً من مستمعيك الذين ستنهمك أكفهم في التصفيق لك تماماً كما فعل صاحبنا المذكور في ثلاث مناسبات أشار فيها إلى العودة إلى الكفاح المسلح فاستقبله الحضور بتصفيق حاد.
إن حدة التفاعل مع الخطاب الداعم للكفاح المسلح تتزايد هذه الأيام بصورة تتصاعد مع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية وبصورة ربما تصل إلى حد الانتقال من الوعيد اللفظي إلى الفعيل الفعلي وعندها سنجد أنفسنا أمام معالم جديدة للصراع وقواعد جديدة للعبة لا تستند إلى أي مرجعية عرفناها على مدار العقود الثلاثة الماضية.