السفير الأنموذج
بقلم : د. طريف عاشور / دنيا الوطن
ربما ولتواضع أداء بعض سفراءنا في الخارج ، يبرز نشاط عدد آخر من المتميزين من يمثلون القضية الفلسطينية خير تمثيل ، اخذين بعين الاعتبار أنهم ثوار لا موظفون داخل المكاتب ضمن إجراءات بيروقراطية يستقبلون خلالها أركان الدولة ببروتوكولات دبلوماسية دون الالتفات إلى حقيقة أننا لا زلنا شعب تحت المعاناة وان المراسيم والبروتوكولات على أهميتها ليست الشغل الشاغل لهم .
واحدا من السفراء المناضلين الذين يستحقون التحية هو الأخ اشرف دبور ، سفيرنا في العاصمة اللبنانية – بيروت ، هذا الرجل يعمل بصمت من اجل خدمة قضايا شعبه ومحاولة التخفيف عن أبناء الوطن ، مع التواصل مع الجهات الرسمية اللبنانية لمحاولة نزع أي فتيل في مخيماتنا هناك ، من التنويه على صعوبة الحالة اللبنانية ككل والفلسطينية هناك بشكل خاص .
في لبنان ، وجدت المحبة في عيون اللاجئين لهذا الرجل ، رجال السفارة يقولون : الرجل يسبب لنا القلق ، نحسبه في مكتبه ، ويأتي اتصال انه في مخيم عين الحلوة ، يقول لهم : أنا ذاهب إلى البيت بمفردي لارتاح ، ليجدوه في مخيم آخر عند سوق الخضار يستطلع أسعار الخضار والفواكه وتناسب ذلك مع حالة اللاجئين المادية.
اخ من سفارتنا هناك قال لي أن الرجل يعمر له بيتا بطابق علوي في احد مخيمات اللاجئين ، وانه – والكلام عن السفير – جاء إلى بيت مستشار السفارة أثناء صيانته واشرف على العمال ، ولما عاد المستشار للبيت ، اخبره العمال أن المهندس جاء واشرف بنفسه على التصليحات ، ولما نفى لهم انه احضر مهندسا بالأصل ، ليتبين ان الرجل هو السفير نفسه .
الرجل اصطحب احد الشباب الذي وبمحض الصدفة تعرف على والدته عبر مواقع التواصل الاجتماعي بجهد من شباب مكتب الرئيس برام الله ، وذلك بعد عشرات السنين ، وادخله بنفسه إلى أمه التي كان يعتقد وفاتها وهي كذلك ، وبكى الجميع على قساوة وطهر المشهد ، بل وزار كما قال من يعرفه مسنة كبيرة ضريرة ، كانت تعتني به في احد مخيمات لبنان بصغره ، زارها منفردا في بيتها المتواضع وشباب السفارة يقنعون ضيفا من حركة أمل كان يريد لقاءه أن السفير في الداخل وانه ذهب للوضوء ، ليكتشفوا جميعا مع الضيف أن السفير غادر دون علم احد ليجدوه على الأرض عندها هناك .
هي تحية إذن الى هذا الرجل الخلوق ، الوطني ، احد تلاميذ الختيار كما يحب ان ينادى كونه رافقه في جزء كبير من حياته ، كما هي دعوة ايضا الى كل سفراءنا في الخارج ، كونوا خدما لشعبكم ، هذا الشعب الذي ضحى ولا زال من اجل ان يجد الاستقبال الحسن والتواضع والتمثيل المشرف في كافة أماكن تواجده .
هي رسالة كذلك إلى الاخ اشرف ، ابق أصيلا كما أنت ، بهمتك ومحبة الناس من حولك ، كي تستطيع ولو بخطوات بطيئة ولكن واثقة ، ان تبلسم جراح شعبنا الفلسطيني في مخيمات الصمود بلبنان ، شعبنا هناك يعيش المعاناة الحقيقية على أصولها ، مطلوب جهدك وجهد القيادة جمعاء ، ابق بين شعبك في أزقة المخيمات ، تلمس احتياجاتهم ، داوي آلامهم بابتسامتك المعهودة وعلاقاتك الجيدة مع الجميع ، انقل معاناتهم الحقيقية إلى أصحاب القرار ، ابق على العهد ، عهد الشهداء حتى التحرير والعودة .