باطنية ( دولة اليهود القومية )!
الحياة الجديدة- موفق مطر
السؤال الأول الواجب طرحه على ساسة البيت الأبيض والادارة الاميركية, على رأسها الكونغرس, وكذلك حكومات وبرلمانات أوروبا, وكذلك الدول المتعاقدة مع اسرائيل باعتراف وعلاقات دبلوماسية، هو التالي ولكن بشقين, الأول : هل بإمكانكم أن تحددوا لنا حدود « أرض اسرائيل» ودولة اسرائيل, التي جاء في البند الثاني من مشروع قانونها الجديد انها ستكون (الوطن القومي للشعب اليهودي ) وبأي حدود تعترفون ؟! هل انتم مع انشاء دول دينية في المنطقة ؟! مع استدراك: كيف يستوي المنطق، فيما توثقون تحالفا دوليا لمحاربة ما يسمى الدولة الاسلامية ( داعش) وهي تنظيم ارهابي بكل معنى الكلمة يدّعي تطبيق الشريعة الاسلامية, وتقبلون بذات الوقت الاستمرار باعترافكم بإسرائيل كدولة دينية، بمرجعية الشريعة اليهودية ؟.
أليس الاحتلال والاستيطان وتهجير المواطنين الاصليين، وتغيير الواقع التاريخي والثقافي والحضاري لشعب فلسطين, ومنعه من تجسيم حق تقرير المصير جرائما ضد الانسانية جرائم ضد الانسانية ؟!.
أأصبحتم ومعكم ( حكومة اسرائيل اليهودية ) باطنيين ؟لا تختلفون عن تنظيمات وجماعات وأحزاب دينية تحاربونها تحت لواء الديمقراطية وقيم الحرية والعدالة. فأنتم في هذه الحالة باطنيون كبار (حيتان) تصطادون الباطنيين الصغار بعد تسمينهم ( بدسم ) الكراهية والعدائية للآخر باستخدام لا ديني للدين, لتستولوا على (محيط ) الأرض المقدسة بكنوزه ومقدراته !.
لا يعنينا ماذا تسمي ( دولة اسرائيل ) نفسها، فللكنيست الاسرائيلي اقرار ما يشاء من القوانين، لكن ما يجب ان يدركه هؤلاء « الباطنيون» الذين خدعوا العالم بشعار الديمقراطية البرّاق, انهم لن يتمكنوا من تغيير الواقع التاريخي والحضاري والثقافي لفلسطين ( الوطن الوحيد والفريد للشعب الفلسطيني ) حتى لو اصدروا قرارات, ورتبوها درجات، لبلوغ قمة افريست في جبال الهيمالايا، او صنعوا منها مراكبا لعبور المحيطات، فالمهووسون بتصنيع الدول الدينية, يعلمون جيدا أننا هنا باقون، على ارضنا كنا عليها منذ فجر التاريخ والى الأبد سنكون, وأن ثقافة ودول الشعوب الحضارية لا تقوم بقوانين مخطوطة على ( أوراق مروسة ), وانما على حقائق تاريخية, وطبيعية, وثقافية، لا تقوى عوامل الطبيعة المدمرة على الغائها, او تغييرها, فكيف بقدرات الانسان الضعيفة مقارنة مع هذه القوى الخارجة على مداركه وسيطرته. فالشعب الفلسطيني هو الأرض, والأرض منه, هو الوطن, والوطن دينه, الشعب العربي الفلسطيني هو الأصل هنا, أما هذا القانون فانه اقرار بأن ( حكومة اسرائيل ) والكنيست يتعاملون مع اليهود في العالم بعنصرية لا تقل فظاعتها وفظاظتها عن عنصريتهم في التعامل مع المواطنين الفلسطينيين الأصليين, فروح هذا القانون لمن لم يقرأه بعد يتعامل مع اليهود وكأنهم كائنات مستوردة, سيتم تدجينها للتعايش والتأقلم مع بيئة جديدة لا صلة ثقافية ولا تاريخية لهم معها، ولا مع جيرانهم العرب, بيئة يسمونها ارض اسرائيل ( دولة اليهود القومية ) على حساب أرض وشعب ودولة فلسطين التاريخية والطبيعية, ولعمرنا فإننا نتعاطف مع اليهود المستقدمين الى ارضنا, لأنهم لن يكونوا اكثر من وقود لضمان دوران عجلة قطار المشروع الصهيوني الخادم الأكبر للقوى الاستعمارية الامبريالية العظمى.
لا تستخف حكومة دولة الاحتلال نتنياهو بإرث انساني عظيم من الفكر السياسي والاجتماعي, وانما تنسفه بمشروعها ( تعريف دولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي ) عندما تقدم الدولة الدينية كدولة ديمقراطية, وتشرعن جرائم الحرب ( الاستيطان ) وتقنع العالم بأن ( الاحتلال ) يحقق العدالة والسلام !!! ومنع الشعب الفلسطيني من حق تقرير المصير ( كفعل ديمقراطي ) !.
كان يسيرا على (أنبياء الحركة الصهيونية) تزوير الكتب المقدسة، لدى مجتمعات لا تعنى كثيرا بالمقدسات، في زمن تقديس العقل والابداع الانساني, لكن هل سينجون في تزوير وتحريف ما اتفقت عليه أمة الانسان من مواثيق وقوانين دولية, باتت شريعتها ومرجعيتها الوحيدة لنصرة المظلومين في العالم, واحقاقا لقيم الحرية والعدالة والكرامة الانسانية, وحفظا لحقوق الانسان من كل تدنيس ؟!.
بصمودنا على ارضنا, وانتصارنا بدولة مستقلة ذات سيادة بعاصمتها القدس, سنكون خط الدفاع الأول عن قيم أمة الانسان.