عن "القانون" وعاهة أصحابه
الحياة الجديده -عدلي صادق
في النقاش الذي أثير داخل حكومة نتنياهو، حول "قانون الدولة القومية للشعب اليهودي"؛ كان هناك من يراعون الحد الأدنى من طبيعة العلاقات الدولية، وفي الوقت نفسه، يخشون المزيد من الانكشاف لزيف الديمقراطية المزعومة التي يتشدق بها قادة المشروع العنصري. ولما تم اعتماد مشروع القرار على مستوى هذه الحكومة، لكي يحال الى الكنيست، واجه نتنياهو مشكلة الزام أحزاب التحالف في حكومته بالتصويت معه، وهو ليس في وضع شارون عندما تمرد عليه اعضاء حزب "شاس" في الحكومة ورفضوا التصويت معه على مشروع الموازنة فأقالهم، ولا موضوع الموازنة يشبه مشروع القانون الذي يستحث توتراً سياسياً دولياً وتوتراً على الأرض في سائر أراضي فلسطين التاريخية، بل واضطراباً زائداً داخل ائتلاف حكومة نتنياهو.
كان اللافت في النقاشات أثناء الجسلة الأخيرة لحكومة الاحتلال، أن القلق الوجودي طفا على السطح، في مفارقة مدهشة، إذ يتوخى الطرف الجامح المتطرف والعنصري، أن يذهب الى أبعد نقطة في جنونه، بينما الطرف الذي يحاذر، يذكّر بفرضية "تدمير الدولة" وهذا ما جاء على لسان تسيبي ليفني. ربما تقصد ليفني أن ما يتعرض للتدمير، هو علاقات إسرائيل الدولية وعزلتها، لا سيما وأن أوساطاً حزبية إسرائيلية، تتخوف من اعتراف الاتحاد الاوروبي بالدولة الفلسطينية، فضلاً عن خشية اسرائيل من توصل الغرب الى اتفاق مع إيران، يتيح للأخيرة قدراً من تخصيب اليورانيوم، وهو ما تراه إسرائيل، يمينها ويسارها، شراً مستطيراً.
معارضو "القانون" الغبي الذي يدعمه أقصى اليمين، يرونه فضيحة سياسية وقانونية، من شأنها نزع ورقة التوت عن الديمقراطية المزعومة، لأن هذا المنحى العنصري الذي يطال نحو مليون وسبعمئة الف مواطن من سكان الدولة، وأكثر من مليونين في الضفة، ويزعم ان لليهودي حق السكن وسط التجمعات الفلسطينية بينما هو يغلق مستوطنات اليهود ويجعلها غيتوات ويعمل على توسيعها والإجهاز تماماً على العملية السلمية. وعندما يستذكر بعض أعضاء حكومة نتنياهو خطر تدمير الدولة؛ فإنهم يستأنسون برأي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية عاموس يادين، الذي يقول إن "لا خطر وجودياً راهناً على إسرائيل، على اعتبار أن جيشها هو أقوى جيش من المغرب الى بنغلاديش، ولكن هذا لا يعني وجوب التخفف من الإحساس بالخطر على الأمن الشخصي لكل إسرائيلي" وزاد رئيس "الشاباك" السابق يوفال ديسكين، في مقالة نشرتها "يديعوت أحرونوت" قائلاً ما معناه، إن ما يجري في القدس هو بمثابة إشارة لما سيحدث في أرض فلسطين التاريخية نتيجة سياسة اليمين الذي يمنع حل الدولتين!
تتساوق محاولات تكريس القانون الذميم، مع محاولات نتنياهو التلاعب أو التشاطر. فقد داب على اتصالات مخادعة بشأن القدس مع الأميركيين ومع الأردن. لكن ما يجري على الأرض مشهود ومرصود. فالمنحى العنصري ليس في حاجة الى قوانين، لأنه بات ممارسة يومية تزيدها بذاءة المناورات الحزبية داخل "الليكود" نفسه، إذ يتنافس نتنياهو الآن، مع نفتالي بينيت وليبرمان، على زعامة اليمين، ويطرح ثلاثتهم مواقف مشبعة بالمزاودات، لكنها تخلو من الحد الأدنى من اعتبارات السياسة والعلاقات الدولية، والشروط الدستورية لاستمرار دولتهم وحقوق المواطنة فيها، مثلما تخلو من اعتبارات أمنية وضعها الخبراء الأمنيون أمام حكومة نتنياهو التي لم تأخذها على محمل الجَد!