ماذا حقق نتنياهو في باريس وما المطلوب فلسطينيا وعربيا ؟
الحياة الجديدة- عزت ضراغمة
يحاول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اختطاف الاضواء واستثمار ما حدث في فرنسا الاسبوع المنصرم، وتعرض صحيفة شارلي ايبدو الساخرة في باريس لهجوم على خلفية الاساءة للرسول الكريم محمد «صلى الله عليه وسلم» وما تبع ذلك من ابعاد وتداعيات، لصالح السياسة والممارسات الاسرائيلية الارهابية التي ينفذها ضد الفلسطينيين ارضا وشعبا وقيادة، من خلال تبرير ما تنفذه حكومة وجيش ومستوطنو وارهابيو الاحتلال من اعتداءات وجرائم شبه يومية بحق الفلسطينيين.
نتنياهو كان متلهفا لامساك طرف خيط يحاول من خلاله انتشال اسرائيل من العزلة الدولية التي تسببت بها سياسة حكومته، فراح مباشرة للقاء السفير الفرنسي في تل ابيب ليؤنبه على الموقف الفرنسي حيال القضية الفلسطينية واعتراف البرلمان الفرنسي بدولة فلسطين، حيث زعم ان اسرائيل تواجه نفس ما حدث في فرنسا من ارهاب وقال إن اسرائيل وفرنسا تقفان في خندق واحد وضد عدو واحد على حد ادعائه.
ولم يكتف نتنياهو ووزير خارجيته المتطرف افيغدور ليبرمان بذلك رغم ان القيادة والفصائل الفلسطينية كافة سبقته في ادانة الهجوم على الصحيفة الفرنسية، بل سخر نتنياهو كافة السبل والعلاقات الدبلوماسية لدفع الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند الذي وجه دعوة رسمية للرئيس محمود عباس نكاية بنتنياهو جعل الاخير يصر على دعوته لزيارة باريس وللمشاركة في التظاهرة الدولية المناهضة للارهاب هناك، ما ادى الى امتعاض اولاند وعدم ترحيب ديوان الرئيس الفرنسي بزيارة نتنياهو التي اصر رئيس الحكومة الاسرائيلية على تنفيذها بهدف توظيف هذه المظاهرة خدمة لسياسة الاحتلال.
نتنياهو وما رافقه من حاشية ووزراء وفي مقدمتهم ليبرمان جهدوا خلال مشاركتهم في التظاهرة الدولية ضد الارهاب لتحويل هذه التظاهرة لصالح اسرائيل وراحوا لاطلاق فوهة ماكينة التصريحات والمزاعم امام دول وقادة العالم وبالذات الاوروبيين منهم لبيان خطأ المواقف الاوروبية الداعمة للفلسطينيين ومساعيهم بشأن الدولة والانضمام لمحكمة الجنايات الدولية، بل ان نتنياهو وليبرمان طالبا باريس بالتخلي عن المبادرة الفرنسية بهذا الخصوص، وعملوا على ترتيب لقاءات مع بعض المسؤولين العرب في العاصمة الفرنسية لاقناعهم بالممارسات الارهابية الاسرائيلية وقرصنة وحجب اموال الضرائب عن خزينة السلطة الوطنية بل وايضا الطلب من هؤلاء المسؤولين عدم مشاركة دولهم في شبكة الامان المالية التي يطالب الفلسطينيون بتوفيرها لدفع رواتب موظفي السلطة.
وفي معرض تأليبه للمواقف الاوروبية عاد نتنياهو للزعم بان « اوروبا تخوض نفس الكفاح الذي تخوضه اسرائيل « وطالب نتنياهو اوروبا بالتوحد امام الارهاب والعودة الى رشدها من خلال دعم اسرائيل، وللتقليل من اهمية العزلة التي تعيشها دولة الاحتلال قال نتنياهو "هناك مغزى كبير لما شاهده العالم – رئيس الوزراء الإسرائيلي يمشي مع جميع القادة الدوليين في إطار جهد واحد ضد الإرهاب أو على الأقل في إطار مناشدة إلى التوحد ضده، وهذا ما تقوله دولة إسرائيل منذ سنوات عديدة وهذا ما نقوله أيضا اليوم ".
صحيح ان نتنياهو تمكن من زيارة باريس والمشاركة في التظاهرة الدولية ضد الارهاب، وصحيح ايضا ان المذكور سيستثمر ذلك في حملته الانتخابية ضد خصومه في الحلبة الداخلية وان كان ذلك لا يعنينا باعتباره شأنا داخليا لكن هل فعلا تمكن نتنياهو من احراز انتصار ولو آنياً يعزز من سياسته الارهابية ومن الجرائم التي ترتكبها حكومته ضد الفلسطينيين ؟!، وهل تمكن نتنياهو فعلا من فك بعض العزلة عن حكومته ؟ وهل ستستجيب الدول الاوروبية لدعوته بدعم اسرائيل وسياستها العنصرية؟ عشرات الاسئلة طرحتها زيارة نتنياهو هذه ووقوفه الى جانب القادة المتحالفين ضد الارهاب.
لكن ما هو المطلوب عمله وفعله فلسطينيا وعربيا، حتى نخرج من نطاق العمل بدائرة ردات الفعل، سواء في الاروقة والمحافل الدولية او من خلال حملة دبلوماسية فلسطينية وعربية ودولية مشتركة، لايضاح زيف الادعاءات والاقوال التي ساقها نتنياهو وليبرمان وماكينة الاعلام الاسرائيلي العاملة الى جانب سياسة الاحتلال والارهاب.
وفيما يتعلق بالمواقف الاوروبية، فان الاعتقاد السائد ان دول الاتحاد الاوروبي من يسارها حتى يمينها، او التي عبرت برلماناتها او حكوماتها عن اعترافها بالدولة الفلسطينية والتي ما زالت تنتظر، متأكدة من اكاذيب نتنياهو وان ما اطلقه رئيس حكومة الاحتلال من مزاعم لا يمكن اعتباره سوى ذر رماد في العيون وفق ما قاله احد الدبلوماسيين الاوروبيين الكبار في معرض تقييمه لما ستحققه زيارة نتنياهو لباريس، ذلك ان الاوروبيين بمجملهم ليسوا بحاجة لنصائح نتنياهو بالتوحد ودعم سياسة الاستيطان والتدمير والقتل التي تنتهجها الحكومة والجيش الاسرائيلي، وحسب دوائر دبلوماسية اوروبية واقليمية اخرى، فان ذلك لا يعفي الفلسطينيين والدول العربية من حشد تحركاتهم لابقاء المواقف الاوروبية متقدمة تجاه القضية الفلسطينية.