من كروم العنب في دورا الخليل، ومن بين صخورها الصلدة، ومن بين العناقيد وأشجار التين، خرج ماجد ابو شرار من رحم أمه عام 1936، عام أطول اضراب سجله الشعب الفلسطيني احتجاجا على الهجرة اليهودية الى فلسطين، وتتويجاً لثورة الشيخ عز الدين القسام الذي قضى في أحراش يعبد قبل ذلك بعدة أشهر فقط.
والده الشيخ محمد عبد القادر ابو شرار العامل الفني لأجهزة اللاسلكي، أب لسبعة أبناء كان ماجد أكبرهم سناً، بالاضافة الى ثلاث عشرة أختاً، وعندما حمي وطيس المعارك، التحق والد ماجد بجيش الجهاد المقدس تحت قيادة الشهيد عبد القادر الحسيني كضابط اشارة.
وعلى أمل العودة الى مسقط رأسه في دورا، غادر والده الشيخ محمد برفقة الجيش المصري الى غزة، لكن المكوث طال ودبت البرودة في البنادق، وران الهدوء على جبهات القتال، ثم أعلنت الهدنة، مما اضطره الى ممارسة المحاماة التي كان قد حصل على دبلومها من القدس عام 1947. وبقي في غزة حتى وفاته عام 1996.
وفي غزة أنهى ماجد دراسته الثانوية، ثم التحق بكلية الحقوق في الاسكندرية ليتخرج منها عام 1958، ليذهب بعدها الى دورا المكان الذي عادت اليه العائلة باستثناء الوالد الذي بقي في غزة مع زوجته الثانية وأولاده منها.
عمل الشهيد ماجد معلماً في قضاء الكرك بالاردن ثم أصبح مديراً، ولم تلبث ان أتيحت له فرصة افضل فتعاقد مع ثري سعودي فسافر الى الدمام ليعمل محرراً في صحيفة يومية «الأيام» سنة 1959. وكانت فرصته ليعبر من خلال مقالاته عن أفكاره السياسية وهمومه الوطنية التي كانت حركة فتح قد بدأت بتأسيس نواتها في منطقة الخليج، وهكذا وفي عام 1962 التحق ماجد بحركة فتح أسوة برفاقه من فلسطين أمثال المهندسين الشهيدين عبد الفتاح الحمود، وكمال عدوان، والاخوة أحمد قريع «ابو علاء» وسليمان ابو كرش ومحمد الاعرج والحاج مطلق القدوة وغيرهم.
ولم تمض سنوات حتى حلت النكسة، ليتحول ماجد الى العمل التنظيمي بشكل كامل والى جهاز الاعلام تحديداً تحت ادارة وقيادة الشهيد كمال عدوان، والذي حل مكانه بعد استشهاده وأصبح ماجد ابو شرار مسؤولاً عن الاعلام المركزي لفتح ثم مسؤولاً عن الاعلام الموحد الذي ضم كل الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت يافطة منظمة التحرير الفلسطينية.
وبعد المؤتمر الثالث الذي انعقد في دمشق على اثر احداث أيلول الدامية اصبح ماجد أميناً للسر للمجلس الثوري لحركة فتح، ثم وفي المؤتمر الرابع تم اختياره عضوا في اللجنة المركزية نظرا لكفاءته العالية في التنظيم وقدرته الفائقة على العطاء والاخلاص في الانتماء.
كان ماجد مفكرا ومنظرا سياسيا يساريا، ولهذا لم يكن لأحد ان يزاود عليه في التقدمية والثورية مما جعله عائقا أكيدا أمام الافكار والميول الانشقاقية، وهكذا لم يكن للحركة الانشقاقية ان تتم الا بعد رحيله الفكري، وبعد رحيل الشهيد سعد صايل العسكري.
هذه الكفاءة الاعلامية النادرة، بالاضافة الى ثقافة عالية في عالم الادب والقصة فكانت مجموعته الاولى «الخبز المر» والتي نشرت تباعاً في مجلة الافق المقدسية، بالاضافة الى كتابات سياسية ساخرة في زاويته «جداً» بصحيفة فتح: صحفي أمين جداً، واحد غزاوي جداً، شخصية وقحة جداً، واحد منحرف جداً.
لم يرق للعدو رؤية هذا القائد الفلسطيني الفتحاوي وهو يفتح ثغرات سياسية مهمة في دول المعسكر الشرقي وفي اوساط الاحزاب اليسارية الاوروبية، كما لم تحتمل من قبل قلم غسان كنفاني وكمال ناصر، وأثناء مشاركة ماجد ابو شرار في فعاليات مؤتمر عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في روما، تم زرع عبوة ناسفة تحت سريره بالفندق لتنفجر تحته وكان ذلك يوم 9/10/1981.
وهكذا انتهت رحلة الشهيد ماجد ابو شرار من دورا الى غزة الى مصر الى السعودية الى الاردن الى دمشق ثم الى بيروت، ومنها طار ماجد الى معظم اصقاع الارض من هافانا في أقصى الغرب الى الصين في أقصى الشرق، لكن روحه ما زالت تحلق في سماء دورا وتحت شمس فلسطين.