هل بدأ الاحتلال فعلياً بفرض التقسيم الزمني في المسجد الأقصى؟!
القدس 4-6-2014
راسم عبد الواحد
تطبيق الاحتلال لمخطط التقسيم الزمني للمسجد الأقصى المبارك، هاجسٌ لطالما حذرت القيادات والشخصيات الدينية والوطنية المقدسية منه، لكنه بات قاب قوسين أو أدنى من التطبيق العملي.
المخطط يتمثل باقتطاع أوقات زمانية قبل وبعد ظهر كل يوم لليهود المستوطنين على حساب المصلين المسلمين.
التقسيم الذي تحاول تكريسه شرطة الاحتلال باعتبارها الذراع المتقدمة لسلطات الاحتلال الرسمية في المسجد الأقصى يعني فرض التقسيم الزمني في المسجد الأقصى بفترتين زمنيتين: قبل الظهر وبعد الظهر لليهود المتطرفين.
وكانت منظمات الهيكل المزعوم المتطرفة وزعت بعد منتصف ليلة الاثنين دعوات تحث فيها جميع اليهود على اقتحام المسجد الأقصى خلال أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس احتفالا بـ'عيد العنصرة' أو نزول التوراة، حسب التقويم العبري، وخلال الدعوات تم وضع برنامج لنشاطات تلمودية استفزازية داخل باحات المسجد الأقصى.
وعبّرت الجماعات اليهودية، عن بهجتها بما حققته أمس من اقتحام للمسجد الأقصى بـ'حرية' بفضل حماية وإجراءات الشرطة، وأعربت عبر مواقع التواصل الاجتماعي- عن شكرها لدور الشرطة التي وفرت لهم 'الحماية' لاقتحام الأقصى.
وقال المتطرفون: 'كل الاحترام لشرطة (إسرائيل) مئات اليهود في 'جبل الهيكل' وعشرات العرب في الخارج، اليهود المتواجدون في 'جبل الهيكل' اليوم يقولون بأن هناك يهودا في 'جبل الهيكل' أكثر من العرب، والكثير من العرب يضربون على أبواب 'جبل الهيكل' لأن الشرطة منعتهم من الدخول، الجمهور يقدر ويثمّن ويثني على دور الشرطة وتصرفاتهم الراقية والمؤدبة'.
وأفاد حراس المسجد الأقصى أن أكثر من 250 يهودياً متطرفا اقتحموا الأقصى، عبر باب المغاربة، خلال الفترة الصباحية، وكان من بينهم عضو 'الكنيست' ميخائيل بن آري، والحاخام 'يهودا غليك'، الذي اقتحمه أمس 3 مرات برفقة مجموعات متطرفة، وتعمد غليك خلال جولته تقديم شروحات عن الأقصى بأنه الهيكل المزعوم، مطالبا بضرورة هدم مسجد قبة الصخرة لبناء الهيكل، وفي ساحات الأقصى وخلال جولة المتطرفين أدى العديد منهم طقوساً تلمودية في الأقصى، بحراسة من شرطة الاحتلال.
أما على أبواب الأقصى فلا تزال قوات الاحتلال تمنع الشبان والنساء من الدخول إلى الأقصى، منذ صلاة ظهر أمس، وبدا المسجد شبه خالٍ من المصلين، وأجبرت شرطة الاحتلال كبار السن الذين يريدون الدخول إلى الأقصى بتسليم هوياتهم على الأبواب.
من جانبها، طالبت شخصيات وقيادات دينية مقدسية بـ'هبّة' عربية إسلامية لإنقاذ المسجد الأقصى، الذي بدأ الاحتلال بتقسيمه زمنياً وفعلياً أمس بين المسلمين واليهود، وذلك في مؤتمر صحفي طارئ وعاجل عقدته الهيئة الإسلامية العليا ومجلس الأوقاف الإسلامية أمام باب الأسباط في القدس القديمة.
رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ عبد العظيم سلهب قال: 'إن شرطة الاحتلال وفّرت الحماية الكاملة للمتطرفين اليهود خلال استباحتهم للمسجد الأقصى وإغلاقه أمام المسلمين'.
واعترف الشيخ سلهب بأن ما حصل هو تجسيد فعلي للتقسيم الزمني للأقصى بإشراف حكومة الاحتلال رغم كل ما يُشاع من تصريحات بأنه لا يوجد تغيير على الوضع القائم'.
وطالب الشيخ سلهب بأن تعي الأمة الإسلامية مدى خطورة ما يجري في الأقصى، وقال: 'هذا المسجد أمانة في أعناقنا جميعاً'. وطالب 'جميع العرب والمسلمين كبارا وصغارا بالهبة لإنقاذه، ومواجهة المخطط الصهيوني الخطير، ورفع المعاناة والظلم عنه'.
كما طالب رئيس الأوقاف 'كل مرابط في فلسطين بأن يشد الرحال إلى الأقصى، فمن يُمنع من الوصول إليه بسبب الحواجز الظالمة والجدار فإنه يصلي حيث يمنع، وله ثواب مساوٍ لمن يصلي في الأقصى'.
أما رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري فأكد رفض الفلسطينيين إجراءات الاحتلال التي اتخذت في المسجد الأقصى، وقال: 'إن الغطرسة 'الإسرائيلية' لن تعطي اليهود أي حق في الأقصى'، مؤكدا على الحق الشرعي للمسلمين فيه، وعدم التنازل عن أي ذرة تراب عن الأقصى.
وحمّل الشيخ صبري حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة لانتهاك حرمة الأقصى، وأي توتر يقع نتيجة الإجراءات فيه.
بدوره، ناشد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، العالمين العربي والإسلامي التحرّك لنصرة فلسطين شعباً ومقدسات في مواجهة الاعتداءات 'الإسرائيلية' التي تستهدفها.
ونوّه الشيخ حسين إلى قيام 'منظمات الهيكل' اليهودية المتطرّفة بإطلاق دعوات تحثّ خلالها المستوطنين اليهود على اقتحام المسجد الأقصى المبارك خلال الأيام القادمة للاحتفال بما يسمى 'عيد إتمام نزول التوراة' أو 'عيد العنصرة'.
وقال 'إن سلطات الاحتلال أطلقت العنان لقطعان مستوطنيها ليعيثوا فساداً في الأرض المباركة، حيث سمحت للعشرات من المتطرفين باقتحام الأقصى المبارك والقيام بجولات في ساحاته كالمعتاد، في حين تمنع الفلسطينيين ممّن هم دون سن الـ 50 عاماً من دخول المسجد'.
وأكد الشيخ حسين، أن استمرار الاعتداءات 'الإسرائيلية' على المقدسات الفلسطينية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك من شأنه أن يحوّل المنطقة إلى 'قنبلة موقوتة'، وينذر باندلاع حرب دينية وشيكة.
ولفت إلى 'أن الاحتلال يسعى لإفراغ المسجد الأقصى من أي مدافع عنه لضمان استفراد اليهود به، مستخدماً لتحقيق تلك الغايات وسائل القمع المختلفة ضد المواطنين الأبرياء العزل'.
وحذر من 'أن استمرار النهج العدواني على المسجد والمسؤولين عنه قد يقود إلى مجزرة، كما حدث في مرات سابقة، ومن ثم إلى نتائج لا يمكن التكهن بمداها وعواقبها'.
من جانبه، استنكر مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الشيخ عزام الخطيب التميمي إغلاق المسجد الأقصى والسماح للمتطرفين بالدخول إليه، وقال في تصريحات صحفية: 'إن شرطة 'اسرائيل' هيأت كافة الظروف لدخول المتطرفين إلى الأقصى واستباحته خلال عيدهم، وأغلقت المسجد منذ ظهر أول أمس، وفرضت قيودها المشددة على الأبواب'.
وأوضح الخطيب أنه أجرى اتصالات مع وزير الأوقاف الأردني، والسفير الأردني في 'تل أبيب'، وأطلعهما على خطورة الأوضاع في المسجد الأقصى المبارك وما يتعرض له من مخططات واعتداءات عنصرية خطيرة وكذلك بإغلاقه أمام المسلمين واستباحته من المستوطنين بحراسة من شرطة الاحتلال.
وطالب مدير الأوقاف الاحتلال بتسليمه مفتاح باب المغاربة (أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك) والذي تم الاستيلاء عليه بعد احتلال مدينة القدس مباشرة، وعبره يتم تنظيم الاقتحامات اليومية للأقصى.
أما مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني فقال 'إن الوضع في المسجد الأقصى صعب للغاية، ويشمل إغلاقات منذ أول أمس ومنع المسلمين من دخوله، والسماح للمتطرفين باقتحامه.
ولفت إلى عدم استجابة شرطة الاحتلال لمطالب الأوقاف بإغلاق باب المغاربة وعدم السماح لأي متطرف باقتحام الأقصى.
ووصف الشيخ الكسواني ما جرى أمس بأنه 'سياسة ممنهجة لفرض أمر واقع جديد بالمسجد، بدعم من حكومة يمينية متطرفة تضرب بعرض الحائط كافة الأعراف والاتفاقيات الدولية المختصة بحرية الوصول إلى أماكن العبادة، وحرمة المسجد الأقصى'.
كما وصف الشيخ الكسواني الوضع بالأقصى 'بالمؤلم'، وقال: ' الاحتلال يتحكم بدخول المسلمين إلى الأقصى، وهذا يمس سيادة الأوقاف والدول العربية التي لها علاقة بالمسجد'.
ودعا الكسواني لاتخاذ موقف إسلامي عربي موحد لإيقاف الانتهاكات 'الإسرائيلية' المتصاعدة في الأقصى.