ما هي أهداف الحرب العدوانية الإسرائيلية؟ الهدف الإسرائيلي المعلن: إزالة خطر صواريخ المقاومة التي باتت تهدد معظم المدن الإسرائيلية. والإزالة على الطريقة الإسرائيلية، تكون بتدمير البنية العسكرية للمقاومة في عموم قطاع غزة. ويتضمن التدمير معاقبة مليون و800 ألف فلسطيني بسبب تأييدهم او احتضانهم للمقاومة، بإيقاع الخسائر البشرية في الأرواح وتدمير المنازل والبنية التحتية إضافة الى تشريدهم داخل القطاع. لليوم الثامن على التوالي قذف المعتدون على قطاع غزة اكثر من 1400 طن من القنابل والصواريخ جوا وبرا وبحرا، وقد أفضت الى جرائم حرب جديده. في الحروب السابقة طرح المعتدون الهدف نفسه، وتغنت حكومات الاحتلال السابقة بإنجازها في إزالة خطر الصواريخ وفي استعادة قوة وهيبة الردع وفي فرض قواعد جديدة للصراع. ولكن، لم يمض طويل وقت قبل انهيار تلك الإنجازات والعودة الى المربع الأول. وهذا يطرح احتمالين حول الاستخلاص الإسرائيلي، الأول: ان يكون الإنجاز الإسرائيلي المزعوم مبالغا به الى حد كبير. والثاني: أن المقاومة تملك القدرة على إعادة البناء وتطوير القدرات بسرعة قياسية. وفي الحالين فإن دولة الاحتلال تقدم البرهان على استحالة الحسم العسكري والأمني الذي لا تملك غيره. وتقدم الدليل أيضا على استحالة استسلام الشعب لإرادة المحتلين ولسياساتهم الكولونيالية. كانت الهدنة سارية المفعول، وكانت الصواريخ ساكنة في مخابئها، وغير مطروح إطلاقها من قبل الفصائل الأساسية للمقاومة. السؤال لماذا قامت دولة الاحتلال باستدعاء الصواريخ عبر استفزاز الفصائل العسكرية بشكل متواصل الى ان ردت على الاعتداءات واندلعت الحرب. لا يمكن فصل العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة عن استباحة الضفة الغربية على خلفية اختفاء المستوطنين الثلاثة، وعن إفشال حكومة نتنياهو لآخر فرصة حل سياسي ينهي الاحتلال. كان من اللافت قول نتنياهو: إن معركة غزة الحالية تؤكد أن إسرائيل لا تستطيع الانسحاب من الضفة الغربية، نظرا لأهميتها في الحفاظ على أمن إسرائيل. وكانت الدوائر الأمنية الإسرائيلية قد اعتبرت الحدود العراقية الأردنية هي خط دفاع إسرائيلي، جاء ذلك في أعقاب سيطرة تنظيم "داعش" على مدن عراقية. الأمن الإسرائيلي خلف الحدود والاحتفاظ بالضفة هو بيت القصيد، فعوضا عن بحث قضية الاحتلال والضغط ومعاقبة الدولة المحتلة المتمردة على القانون والشرعية الدولية من اجل إنهاء احتلالها. تحظى هذه الدولة المستعمرة المتمردة "بحق" الدفاع عن مواطنيها من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية والأمين العام للأمم المتحدة. تتحول الدولة المحتلة الى وضعية الضحية التي اصبح مصيرها محفوفا بأهوال ومخاطر، علما انه لم يمت إسرائيلي واحد حتى الآن من الصواريخ المتناثرة على المدن الإسرائيلية. هكذا تنصرف الأنظار عن قضية الاحتلال المزمن ونظام الفصل العنصري الممارس على الشعب الفلسطيني، وتتركز على مهمة توفير الأمن للاحتلال وحاجات الاحتلال. ان كل المساعي المطروحة في العلن والسر تتمحور الآن حول الأمن الإسرائيلي الذي لم يتعرض لتهديدات جدية. الكل يتحدث عن التهدئة المتبادلة وضرورة تجديدها، ولا احد يأتي على ذكر أسباب الانفجار، والحل السياسي الحقيقي المتمثل بإنهاء الاحتلال الذي يؤدي الى تهدئة وهدوء دائمين. الكل وضع العامل السياسي جانبا وذهب الى الحل الأمني كما تحدده الدولة المستعمرة المحتلة. مقابل ذلك فإن الدفاع عن الشعب الذي يتعرض للعدوان يعد عملا مشروعا، مع الأخذ بالاعتبار التفوق الأخلاقي والمعنوي. وإذا كان التفوق المعنوي الفلسطيني المقترن بإرادة صمود صلبة مسألة بادية للعيان، فإن الدعاية الإعلامية الإسرائيلية تحاول انتزاع التفوق الأخلاقي من خلال الادعاء بأنها حريصة على حياة المدنيين من خلال إنذارهم بالقصف قبل وقوعه، وهي في الوقت ذاته تظهر استهداف المدنيين الإسرائيليين من قبل المقاومة باعتباره عملا همجيا. ان لوحة الخسائر في الجانبين التي تقول: موت إسرائيلية مسنة بالجلطة مقابل 178 فلسطينيا معظمهم من المدنيين بينهم 24 طفلا و15 امرأة وفتاة. بل ان إبادة عائلات بأكملها وقصف مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة ومستشفى ومدرسة، وتشريد عشرات الآلاف لا يمكن اعتباره خطأ فنيا، انه عمل ينتمي الى جرائم الحرب وهو بكل المقاييس عمل غير أخلاقي. وبهذه المواقف لا تستطيع إسرائيل تسويق نفسها كحامية ومدافعة وحريصة على المدنيين وهي التي لا يشق لها غبار في مجال الانتهاكات والمجازر والإقصاء. الدفاع المشروع عن النفس والصمود والإرادة الصلبة، كل هذا إيجابي ومهم إلا أنه يفقد قيمته إذا لم يرتبط بأهداف سياسية، إذا لم يتوحد الشعب والحركة السياسية على أهداف محددة ونابعة من الحاجة الى الخلاص من الاحتلال، كيف يمكن منع دولة الاحتلال من تحويل هدف إنهاء الاحتلال الى حاجة إسرائيل للضفة الغربية من اجل الدفاع عن الأمن الإسرائيلي؟ والى حاجة إسرائيل الى إزالة كل ما يهدد الأمن الإسرائيلي داخل قطاع غزة بما في ذلك استمرار الحصار الخانق. إن الخطاب الذي يتحدث عن تكافؤ القوى المتحاربة والقدرة الفلسطينية على الانتصار، بحاجة الى إعادة نظر. كما ان السلطة التي تأسست من اجل إنهاء الاحتلال واستلام صلاحيات سلطة الاحتلال بحاجة الى إعادة بحث لأدوارها في ظل الإعلان عن استمرار احتلال الضفة الغربية. لا يمكن بقاء أدوار السلطة التي تأسست على فرضية إنهاء الاحتلال على حالها وفي مقدمة ذلك التنسيق الأمني. ما يهم البحث عن مسار جديد يتوحد من خلاله الشعب والحركة السياسية على أهداف تلبي المصالح الوطنية وتنسجم معها. لقد توحد الشعب في هذه المعركة كما توحد في كل المعارك الكبرى السابقة، ولكن ثمة فرق بين التوحد الوجداني الوطني وبين التوحد على رؤية وطنية جديدة ومهمات، كمهمة تنظيم جمع التبرعات المادية والعينية بما في ذلك التبرع اليومي بالدم. ومهمة تنظيم مقاطعة السلع الإسرائيلية، ومهمة التظاهر والاحتجاج المتواصل على العدوان وعلى الاستيطان والاحتلال. ومهمة بناء الجسور مع الحلفاء الحقيقيين للشعب الفلسطيني. |