نهاية موسم العمليات
المصدر: هآرتس-عكيفا الدار:14/12
(المضمون: إدراك يزداد عند الجماعة الدولية كلها أن هذه الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو لا تريد السلام ولا تعمل في دفعه الى الأمام ولهذا فالسبيل الى السلام مشروط باسقاط هذه الحكومة).
يُذكّرنا بنيامين نتنياهو ورفاقه في الحكومة بالعائلات من مسلسل برامج ألون غال في القناة الثانية، التي تشتري بدفعات كل ما تصل اليه أيديها. وفي نهاية الشهر عندما يعلن البنك بأنها "عاجزة عن الوفاء" ويغلق حساباتها، تتهم العالم كله.
مدة سنة ونصف، منذ كانت خطبة نتنياهو الواعدة في جامعة بار ايلان، انفجرت سلة مشتريات نتنياهو بالحلوى من انتاج امريكي؛ طائرات حربية حديثة، وبطاقة دخول في منظمة الدول الصناعية المتقدمة، ودرع وقاية من تقرير غولدستون، وطوق انقاذ من أمواج الهجوم على القافلة البحرية الى غزة.
والى ذلك، منح القائد العام لشرطة العالم الحر الزبون نتنياهو وقوفا بالمجان في المستوطنات في الضفة وفي شرقي القدس، والتي كانت في ظاهر الامر تحت تجميد مدة عشرة اشهر.
كان يفترض أن يدفع نتنياهو مقابل ذلك بدخول مباحثة جدية مع الفلسطينيين في القضايا الجوهرية. هذه عملة صعبة في الحقيقة، لكن اهود باراك، اليد اليمنى لنتنياهو، وهو الذي يجلس في الحكومة بأنه ممثل لليسار، أقنع الجميع بأن بيبي لن يهرب دون الدفع.
حان موعد الوفاء بالدين في الربيع. في اثناء محادثات التقارب أودع الرئيس الفلسطيني محمود عباس المبعوث جورج ميتشيل اقتراحا مفصلا يتعلق بالحدود الدائمة والترتيبات الأمنية في المناطق. واختلق نتنياهو أعذارا تتعلق بصعوبات السيولة السياسية وحصل على ترتيبات دفع اخرى.
وعندما حانت ساعة تجديد التجميد، أرسل اوباما هيلاري كلينتون الى نتنياهو مع رزمة عرض: وحدة قتالية طائرة والتزام فرض الفيتو على كل اقتراحات تُثار في حلقات دولية – للاعتراف بدولة فلسطينية من جانب واحد. كل ذلك مقابل التزام معلن لثلاثة اشهر تجميد للبناء في مستوطنات الضفة، والتزام صامت للامتناع عن تحرشات في شرقي القدس. بعد أن لم تجُز هذه الصفقة المغرية في الحكومة ايضا، توصل الامريكيون الى استنتاج أن نتنياهو ضللهم. ليسوا على ثقة من أن باراك باعهم على عِلم قطا في كيس، أو انه صدّق ان نتنياهو تغير حقا (مثل الرئيس شمعون بيرس).
كانت دعوة زعيمة كديما تسيبي لفني الى لقاء كلينتون اعلانا غير رسمي باغلاق حساب نتنياهو في واشنطن. إن الخطبة التي طلبت فيها كلينتون الى نتنياهو أن يكشف في نهاية الامر أين يقترح أن تمر الحدود بين الدولتين اللتين تكلم عليهما في بار ايلان كانت اعلانا بانقلاب العلاقات بين ادارة اوباما وحكومة نتنياهو. توصل مقررو السياسة الامريكيون الى استنتاج أن هذه الحكومة والتسوية الدائمة أمران متضادان. ومعنى ذلك انهم ما عادوا مستعدين لسماع أعذار نتنياهو وباراك عن "مشكلات ائتلاف". انقضى ترتيب الدفعات والتخفيضات والمبيعات.
أصبح اعتزال الشركاء اليمينيين وانضمام كديما الى الحكومة، بل الانتخابات المبكرة، في نظر الامريكيين محطة ضرورية في الطريق الى اتفاق بين اسرائيل والعرب. قبل 12 سنة، عندما فهم زوج هيلاري أن زوج سارة لا ينوي احترام توقيعه (اتفاق "الدفعات" مع ياسر عرفات)، كانت تلك آخر محطة لنتنياهو في الطريق الى دارته في قيسارية.
رياح غربية
لن يشغل اوباما وكلينتون انفسهما بجباية الديْن. فقد نُقل الحساب المضخم الى مكاتب المصادرة في أنحاء العالم. أرسلت امريكا اللاتينية اول إنذار قبل الاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967. ويأتي الانذار الثاني من الاتحاد الاوروبي. ففي رسالة دعت الاتحاد الاوروبي الى جباية "ثمن" من اسرائيل يُلمح 26 من قادة اوروبا البارزين في العقد الأخير، الى أن مبادرتهم هذه حصلت على دعم من الجانب الثاني للمحيط. أخذ الاتحاد الاوروبي من اسرائيل جزرة تطوير العلاقات. اذا شخص ميتشيل مرة اخرى خالي الوفاض من القدس فسينقل العصا الى الاوروبيين.
يجدر الانتباه الى اللقاء الذي يتوقع أن يجريه ميتشيل هذا الاسبوع مع مفوضية الجامعة العربية. هذا اللقاء هو أول خطوة في المسار الجديد الذي تبنته ادارة اوباما بعد أن دُفعت قناة التفاوض المباشر الى طريق مسدود. أوضح لي مصدر سياسي رفيع المستوى في الاتحاد الاوروبي أمس، أن الحديث عن عودة الى التأليف بين مسيرة مدريد – التي بدأت قبل 19 سنة بمبادرة الرئيس بوش الأب – ومبادرة السلام العربية في آذار 2002. القاسم المشترك بينهما هو السعي الى تسوية سلمية شاملة بين اسرائيل والدول العربية على أساس خطوط حزيران 1967.
زيادة على التفاوض المباشر المستقل بين اسرائيل ووفد اردني فلسطيني، والسوريين واللبنانيين، أطلق مؤتمر مدريد مسارات متعددة الأطراف بين اسرائيل ودول المنطقة في طائفة من الموضوعات، فيها الرقابة على السلاح، والماء، والتعاون الاقتصادي وحل مشكلة اللاجئين. جدد اوباما في المدة الاخيرة جهوده لضم السوريين الى دائرة التفاوض وليستخلص من السعودية ودول الخليج تلميحات ايجابية للجمهور الاسرائيلي. شجعت هذه القِدْر الفوّارة رئيس حكومة حماس في غزة بل سيده في دمشق خالد مشعل على ضمان ألا يشوشوا على الاتفاق وأن يكتفوا بتقديمه ليتم استفتاء الشعب الفلسطيني كله فيه.
ستضطر هذه المبادرات الى انتظار الحكومة الاسرائيلية المقبلة. وفقد العرب ايضا بقايا الثقة بنوايا السلام عند الحكومة الحالية. إن الغضب على باراك فقط الذي نوّمهم مدة شهور طويلة، أكبر من خيبة أملهم في نتنياهو. وهم يُعلقون آمالا كثيرة على لفني ايضا. بخلاف زعم محلل صحيفة "نيويورك تايمز"، أن عباس رفض اقتراح اهود باراك السخي – شهدت من كانت وزيرة الخارجية في حكومته في عدة فرص بأن الفلسطينيين لم يرفضوا الاقتراح وانه موضوع على الرف منتظرا شريكا اسرائيليا.