القاهرة: مؤتمر دولي يطالب بتمكين شعبنا من تقرير مصيره وتجسيد الاستقلال على أرضه
القاهرة- وفا 7-2-2012
أجمع عدد من الدبلوماسيين والمسؤولين الدوليين والعرب، على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة، وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره أسوة بباقي الشعوب دون تأخير.
وأكد مساعد وزير الخارجية والممثل الدائم لجمهورية مصر العربية لدى الجامعة العربية السفير عفيفي عبد الوهاب، في ختام المؤتمر الدولي للجنة المعنية بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، مساء اليوم الثلاثاء، أن بلاده ستواصل دعمها لجهود اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف.
وأضاف في ختام أعمال المؤتمر الذي استمر لمدة يومين في العاصمة المصرية القاهرة، 'لبحث موضوع التكلفة الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي'، 'أننا على استعداد للتعاون في نصرة القضية الفلسطينية، وعلى استعداد دائم لاستضافة اجتماعات هذه اللجنة'.
وأعرب عبد الوهاب عن شكره للجنة لمساعيها لاستعادة الحقوق الفلسطينية غير القابلة بالتصرف، وفي مقدمتها تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
وقال: 'عقد الفعالية دليل على اهتمام المجتمع الدولي بالانعكاسات السياسية والاقتصادية على الفلسطينيين في الضفة وغزة، وتابعنا باهتمام بالغ ما تطرقت له المداخلات حول الجدار الفاصل والقيود بالحركة على حياة المدنيين، كما تابعنا ما تم مناقشته حول السياسات الإسرائيلية الرامية لتغيير معالم المدينة وطمس معالمها التاريخية، وهي كلها أمور تولي مصر، بصفتها الوطنية وكرئاسة لحركة عدم الانحياز، اهتماما خاصا بها'.
وأضاف عبد الوهاب: 'نحن ندعم بقوة استعادة حقوق الفلسطينيين ونعمل كل ما هو ممكن للدفاع عن حقوقهم المشروعة، وجاءت المداخلات واضحة للتنديد بممارسات إسرائيل'، مشيرا إلى أن قضية فلسطين طالما احتلت مكانة خاصة في عقول المصريين والعرب، وثورة '25 يناير' والتطورات التاريخية في المنطقة جاءت لتعزز هذا الشعور، وهذه التطورات على إسرائيل إدراكها والعمل على السير بما يضمن إيجاد تسوية عادلة تعيد للفلسطينيين حقوقهم الكاملة سواء فلسطينيي الضفة وغزة أو المتواجدين في اللجوء.
بدوره، ذّكر المفوض العام لفلسطين للأمم المتحدة في نيويورك السفير رياض منصور، 'المجتمع الدولي بوجود استحقاق عليه يتمثل بضرورة مناصرة حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة، وفي مقدمتها تمكينه من تقرير مصيره أسوة بباقي الشعوب'.
وأوضح أن 132 دولة اعترفت بفلسطين حتى اليوم، وانتهينا من مرحلة بناء مؤسسات الدولة بنجاح، وتقارير البنك الدولي والأمم المتحدة تؤكد أننا قطعنا شوطا مهما في معركة البناء.
وقال 'اخترنا عنوان المؤتمر عن تكلفة الاحتلال، لنظهر للعالم كم هي تبعات هذا الاحتلال وكم هي الأضرار الناجمة عنه، عندما يسمع البعض بأنها تصل إلى 7 مليار دولار سنويا، قد يفكر لإقامة صندوق للدعم، وما نحن بحاجته اليوم هو جلاء هذا الاحتلال وتمكيننا من العيش بحرية وكرامة'.
وأضاف منصور أن التقارير المتخصصة تثبت أننا إذا تخلصنا من الاحتلال وقيوده وإجراءاته التعسفية، سيكون لدينا الموارد المالية التي ندير من خلالها حياتنا.
وتابع أن 'الاحتلال يكلفنا هذه المبالغ الطائلة، وإذا انتهى نستطيع أن نعتمد على أنفسنا، وهنا نقدم بعدا جديدا عن مدى استعدادنا بالاستقلال والاعتراف بفلسطين، وفي ضوء ذلك نخاطب العالم؛ دعونا نصل لوسيلة جماعية لإنهاء الاحتلال وعندما يتحقق ذلك لن نكون بحاجة إلى دعم حتى نواصل مسيرتنا في البناء'.
وأكد أن الرئيس محمود عباس وهب حياته ووقته لإحلال السلام، ولكن المفاوضات لم تؤد إلى شيء بسبب التعنت الإسرائيلي، مشددا على 'أننا نقدر موقف المجتمع الدولي الذي يؤكد أن الاستيطان مرفوض واغتصاب القدس غير قانوني، وحصار غزة مرفوض'.
وتساءل منصور: 'إذا كان لدينا هذا الاعتراف الكبير لماذا يستمر الاحتلال ولماذا الدول القوية تساند إسرائيل على انتهاك القانون الدولي؟'.
وأشار إلى أنه رغم ما يحدث في المنطقة من حراك وثورات واضطراب، وحتى في ظل ما يتعرض له الاقتصاد العالمي لا تزال القضية الفلسطينية حية وتحتل الصدارة.
وقال: 'عقدنا هذا الاجتماع بالقاهرة بسبب العلاقة التاريخية بين مصر وفلسطين، ولقربها من غزة، ولأننا كمشاركين نوصل رسالة برفضنا للعدوان على غزة، وأنه مطلوب إنهاء هذا الحصار الظالم'.
وأضاف: 'اخترنا مصر لعقد هذا المؤتمر، لأن المصالحة الفلسطينية عنصر مهم جدا ومصر ساعدتنا على توقيع اتفاق المصالحة في الرابع من أيار العام الماضي، ونحن سعداء بما تم الاتفاق عليه في الدوحة، ولكن سنرجع ثانية لنهر النيل لنبدأ تطبيق الاتفاق انطلاقا من مصر، وكلنا أمل بأن نطوي صفحة الانقسام إلى غير رجعة'.
وأعرب عن شكره لحكومة مصر وشعبها لاستضافة هذا المؤتمر المهم 'في بلد نحس أن له مكانة خاصة في قلوبنا، وتاريخيا كانت مصر وما زالت تلعب دورا مهما في دعم القضية الفلسطينية، ونحن سعداء بما قدمته مصر لنا.
من جهته، وجه رئيس اللجنة المعنية لممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف عبد السلام ديالو رسالة للمجتمع الدولي ولقادة العالم، مؤكدا فيها 'أن الشعب الفلسطيني يستحق الحياة بأمن وأمان وكرامة'.
وقال ديالو 'إن اللجنة تؤكد مجددا أن سبب الصراع هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، ومن خلال هذه الفعالية أردنا أن نظهر أن تكلفة الاحتلال كبيرة، وأن الاحتلال يكلف الفلسطينيين كثيرا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وأن للاحتلال تكاليف على المجتمع الدولي'.
وأضاف أنه في ظل القيود والانتهاكات الإسرائيلية تكون المعضلة أن المساعدات التي تقدمها الدول المانحة بدلا من أن توجه للتنمية توجه لتخفيف آثار السياسات والقيود الإسرائيلية.
وأكد ديالو أن الإجراءات الإسرائيلية تحول دون استخدام الفلسطينيين لمواردهم وأراضيهم، وأن الحصار وسيطرة إسرائيل على الحدود يحول دون حرية التعامل التجاري الفلسطيني مع العالم الخارجي.
وقال: 'هناك دراسة لوزارة الاقتصاد الفلسطينية عام 2010 تظهر بأن الخسائر الناجمة عن الاحتلال تصل لحوالي 6.9 مليار دولار، أي ما نسبته 85% من إجمالي الناتج المحلي، وإذا الفلسطينيين لم يخضعوا للاحتلال لكان دخلهم ضعف ما هو عليه الآن، ولذلك فإن المشاركة الفعلية من قبل الدول المانحة ستظل ضرورية لتقديم التقدم بعملية السلام'.
وشدد على أن 'الوقت حان لندرك بأن الاحتلال يجب أن يزول وأن يتمكن الفلسطينيون من فرض السيادة على جميع الأرض المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وفي مقدمتها حق تقرير المصير، وإننا نرى الحل الأمثل بأن يكون على أساس حل الدولتين وخطة خارطة الطريق'.
من ناحيته، اقترح سفير دولة فلسطين بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية بركات الفرا بأن تكلف الأمم المتحدة فريق عمل لإعداد دراسة مفصلة تعتمد على نظام المحاكاة لتقدير الخسائر التي لحقت بالشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي منذ 1967 حتى الوقت الراهن، ورفعها للأمم المتحدة لمطالبة إسرائيل بتعويض فلسطين جراء سياستها الجائرة.
وأعرب الفرا عن تمنياته من هذا المؤتمر الخروج بآليات تفيد وضع شعبنا لتحقيق التنمية الاقتصادية المتأملة التي تتطلب توفير عوامل أساسية تتلخص في قدرة الشعب الكاملة على التحكم في موارده مع حرية حركة رأس المال، والانتقال والصادرات والواردات، وتوافر مصادر للتنمية مناسبة ومناخ مناسب للاستثمار.
وشدد على أن الحديث عن تنمية اقتصادية حقيقية في ظل الاحتلال صعب رغم سعي السلطة الوطنية دائما للقيام بتقديم أفضل الخدمة للمواطن والعمل على تعزيز صموده، مبينا أن تكلفة الاحتلال باهظة جدا ليس اقتصاديا فحسب بل بالجوانب الأخرى، حيث يفتقد الحرية وحقوقه الأساسية في ظل الاحتلال.
وركزت جلسات اليوم الثاني للمؤتمر على مناقشة وتحديد حجم تكلفة الاحتلال المتكبدة بسبب القيود المفروضة على الاستيراد والتصدير، والعراقيل التي تعيق حركة السلع واليد العاملة، وتكاليف المشروع الاستيطاني والحصار المفروض على قطاع غزة، وخسائر الإيرادات بسبب سيطرة إسرائيل على الموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينية المحتلة، واستغلالها لتلك الموارد، مع التحضير للاستقلال والسيادة والتنمية الفلسطينية المستدامة.
وفي هذا السياق، أشار مدير معهد الأبحاث التطبيقية ببيت لحم جاد إسحق إلى أن الحصار الجائر على غزة كبد الفلسطينيين ما يقدر بـ1,9 مليار دولار، بجانب فقدانهم السيطرة على مواردهم الخاصة حتى باتوا يتحكمون بأقل من 10% من المياه المتوفرة بغزة.
بدوره، قال الباحث بمركز المعلومات البديلة شير هيفر إن كلمة تكلفة التي استخدمت في عنوان المؤتمر تبعث على مبدأ المعاملة المتبادلة، وهو ما لا يتحقق فعليا في الحالة الاحتلالية لفلسطين؛ لأن الاحتلال يؤدي لخسائر اقتصادية فقط، خاصة وأن المفارقة بارزة بين التكاليف الاقتصادية وحياة شعب فقد ذراع أو رجل؛ لأن فقد الحياة لا يضاهي شيء.
وطالب بضرورة إبراز التعويضات الموجبة على إسرائيل لقيامها بهذه الممارسات الجسيمة، بحق الشعب الفلسطيني التي تطال البشر والشجر والأرض.
من جهته، اقترح الباحث طارق العلمي من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، طريقة لدمج الاقتصاد الفلسطيني بالخارج العالمي والعربي على حد سواء في إطار السعي نحو قيام دولة فلسطينية مستقلة حرة.
وأضاف أن فلسطين تم إقصاؤها لمدة أربعة عقود من المنطقة العربية، وعلى الرأي العام العربي الثائر حاليا، وفي ظل الوضع العربي الجديد مطلوب تشجيع إقامة علاقات تجارية مع فلسطين لتتحقق الشراكة؛ خاصة مع القطاع الخاص لتتيح فرص عمل جديدة كخطوة لدمج الاقتصاد الفلسطيني بالمجتمع العربي، داعيا الأمم المتحدة للعمل على إعادة التكامل بين تلك الشراكات الفلسطينية- العربية.
من جانبها، تطرقت مديرة أبحاث 'مركز مسلك داخل إسرائيل' إيمان جبور، للثمن الاجتماعي لتقييد حرية الحركة للفلسطينيين ولبضائعهم، موضحة أن ما يخرج الآن من غزة أقل من 1% من المتفق عليه في اتفاقية 2005 للمعابر.
وقدم الباحث من المركز الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي جيفري بريوت، عدة توصيات تتلخص في ضرورة إعادة النظر في مواجهة السياسات التي تطبقها إسرائيل على الفلسطينيين، معتبرا أن التنمية تحت الاحتلال مستحيلة.
وقدم الخبير في قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة في الجامعة العربية نواف أبو شمالة، ملخصا لتقرير حول تداعيات العدوان الإسرائيلي على التنمية والاقتصاد الفلسطيني.
وتحدث أبو شمالة عن مخاطر استمرار الحصار المفروض على غزة، وتقطيع أوصال الضفة الغربية بأكثر من 500 حاجز، مؤكدا أن هذا الوضع يشكل قيودا خانقة على الوضع الاقتصادي، ويحول دون تحقيق التنمية المستدامة بالشكل المأمول في الأراضي المحتلة.