المصالحة لها الأولوية على الاعتبارات الفئوية
جريدة القدس الفلسطينية
حديث القدس 10-2-2012
رحب الفلسطينيون، وكل من يريد الخير للفلسطينيين، باتفاق الدوحة وما نص عليه من بنود منها تشكيل حكومة مؤقتة والإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية خلال العام الحالي. لكن التقارير الواردة من قطاع غزة حول اعتراض الكتلة البرلمانية التابعة لحركة حماس على الاتفاق، لجهة تسمية الرئيس عباس رئيسا لهذه الحكومة- هذه التقارير كادت أن تغطي على هذا الترحيب، وتثير تساؤلات حول مضمون الاعتراض في ظل المعطيات الحالية- وخصوصا الواقع الداخلي الفلسطيني.
فالمجلس التشريعي نفسه تجاوز مدته، وهو موجود أساسا لأن الظروف لم تسمح بانتخاب مجلس جديد، ويعود السبب إلى الانقسام نفسه. وينطبق ذلك على الانتخابات الرئاسية التي تعذر إجراؤها للسبب ذاته. ومن هنا فإن اعتراض هذه الكتلة البرلمانية التي لها الحق بكل تأكيد في التعبير عن وجهة نظرها، ربما لا يأخذ في الاعتبار ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ليستقيم الوضع من الناحية الدستورية، بعد سلسلة من الإجراءات التنفيذية والتشريعية التي فرضها الانقسام، وتمسك كل من حركتي حماس وفتح بالسلطة، كل في الجناح الذي يسيطر عليه من الوطن.
وإذا كانت حماس نفسها تحتج بأن الرئيس عباس استكمل المدة الرئاسية التي انتخب من أجلها، فكيف يمكن لها أن ترفض كونه رئيسا لحكومة انتقالية ما دامت لا تعتبره رئيسا؟ وكيف تقول إنه سيجمع بين رئاسة السلطة (وهي تنكر عليه ذلك) وبين رئاسة الحكومة الانتقالية؟ هذه قضية تحتاج للتوفيق بين متناقضاتها، وإقناع الناس بصدقية منطقها.
الحكومة الانتقالية ذات مهمة محددة قصيرة الأمد :وهي التحضير للانتخابات بشقيها البرلماني والرئاسي. وقد أكد الرئيس عباس قبل يومين أنه لن يرشح نفسه للرئاسة، والمأمول أن تكون هذه الرسالة قد وصلت كتلة حماس البرلمانية، وأزالت قدرا كافيا من اعتراضها.
واتفاق الدوحة، من ناحية أخرى، يتعامل مع اعتراض حماس على تسمية د. سلام فياض رئيسا للحكومة الانتقالية عقب اتفاق القاهرة في أيار الماضي. كما أن تشكيلة الحكومة، وفقا لما تم الاتفاق عليه في الدوحة، من التكنوراط أو المستقلين يرفع أي رفض قد يصدر عن الجهات الدولية، التي لا تقبل بأن يكون عضو في حماس رئيسا لهذه الحكومة، بل وتهدد بقطع المساعدات، وربما ما هو أكثر من قطع المساعدات، إذا اشتملت الحكومة على أعضاء من هذه الحركة كما هو معروف.
المطلوب هو تنفيذ اتفاق الدوحة، سواء رضي الجميع عنه أم رفضه البعض. فوحدة الشعب والوطن فوق الاعتبارات الفصائلية والفذلكات الدستورية. والذي يعارض هذه الوحدة بشكل مكشوف هو رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته. وعلينا جميعا كفلسطينيين أن نرتفع إلى مستوى التحديات، وأن نحقق المصالحة الوطنية التي هي ملاذنا، وقلعتنا الحصينة أمام التحديات التي تتهدد وجودنا ومسيرتنا الوطنية.