شعبنا أوعى من مناورات معارضي الوحدة !!
جريدة القدس
حديث القدس 13-2-2012
غريب، عجيب أمر اولئك الذين افتعلوا عاصفة لا مبرر لها بعد الاعلان عن اتفاق الدوحة بين الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل ليقفوا ضد هذا الاتفاق، والأغرب ان ذريعتهم هذه المرة هي ان هذا الاتفاق ينص على رئاسة الرئيس عباس للحكومة المؤقتة وبالطبع فاننا لا نقصد اسرائيل التي تعارض المصالحة الفلسطينية وسعت وتسعى الى تكريس الانقسام، بل نقصد بعض القادة في حركة «حماس» الذين سارعوا الى مهاجمة الاتفاق بدل تسليط الضوء على إيجابياته وأهميته في إنهاء الانقسام المأساوي. والانكى من كل ذلك ان يحاول هؤلاء ايهامنا ان معارضتهم للاتفاق سببها الاتفاق على رئاسة الرئيس للحكومة في الوقت الذي لم يعارضوا فيه استمرار الرئيس في منصبه علما ان سلطات وصلاحيات الرئيس اكبر واوسع من تلك التي يتمتع بها رئيس الوزراء بموجب القانون الاساسي، وعلما ان الحديث يدور عن حكومة مؤقتة لها اهداف محددة في التحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني اضافة الى بدء اعمار قطاع غزة.
والسؤال الذي نطرحه على هؤلاء : أليس غريبا التمسك بهذه الحجة الواهية والشكلية في محاولة لاحباط الاتفاق؟ ثم أليس غريبا ان يخرج هؤلاء على موقف رئيس مكتبهم السياسي، الذي استند في ما استند اليه في موافقته على اتفاق الدوحة على المواقف التي طالما أعلنتها «حماس» بضرورة استكمال المصالحة واستنادا الى توقيعها على اتفاق المصالحة في القاهرة وغيره من المواقف التي تؤكد ان مسألة رئاسة الحكومة المؤقتة لم تكن هي العقبة الكأداء في طريق تطبيق اتفاق المصالحة ؟ ام ان هؤلاء ارادوا ان نفهم ان كل هذه المواقف التي اعلنتها «حماس» سابقا بشأن المصالحة مجرد تكتيك وتضليل دعائي للاستهلاك المحلي بعد ان فهموا ان الشارع الفلسطيني بأسره يرفض الانقسام ويتطلع الى استعادة الوحدة؟
ثم ألم يقرأ هؤلاء القانون الاساسي الفلسطيني المعدل جيدا الذي لايوجد في أي من نصوصه ما يمنع تسلم الرئيس حقيبة رئيس الوزراء لفترة مؤقتة خاصة في حالات الضرورة والحالات الطارئة ؟ أم ان هؤلاء يريدون ان نفهم ان الانقسام المأساوي حالة طبيعية وان علينا التعايش معها نزولا عند مصالحهم ورغباتهم التي لا تمت بصلة لا للقانون الاساسي الفلسطيني ولا للشرعية الفلسطينية ولا للديمقراطية التي يلوحون بها متى شاؤوا ويتخلون عنها كيفما شاؤوا!
ان من المحزن والمؤسف معا ان يتحدث هؤلاء باسم الشعب الفلسطيني وان يرفعوا شعارات طنانة بدعوى الحرص على مصالحة، وعندما تحين لحظة الحقيقة ويطلب منهم اثبات مصداقية شعاراتهم يتمسكون بذرائع واهية اقل ما يقال فيها انها استغباء للعقل الفلسطيني واستخفاف بقدرة شعبنا على فهم حقيقة النوايا.
ان الشرعية التي يتحدث عنها هؤلاء وكذلك القانون الاساسي، يواجهان اليوم إشكالية فريدة من نوعها، فهم يعلمون ان شرعية تحدثهم باسم الشعب الفلسطيني قد تآكلت وانتهت والقانون الاساسي الذي يتحدثون عنه كانوا اول من ضربه عرض الحائط، ليتذكروه اليوم عندما قام الرئيس عباس ورئيس المكتب السياسي بخطوة هامة وجوهرية نحو تعزيز الشرعية واحترام القانون ومنح شعبنا حقه الطبيعي في قول كلمته في صناديق الاقتراع. فهل يبرر ذلك اللجوء الى هذه الحملة المحمومة ضد اتفاق الدوحة ؟ أم أن هناك من لا يريد للانقسام ان ينتهي ومن يصر على منع شعبنا من قول كلمته في صناديق الاقتراع ومن يريد ان ينصب نفسه متحدثا باسم الشعب الفلسطيني ومصالحه وحقوقه دون تفويض من أحد وبطريقة باتت واضحة بعد أن كشفت هذه الذريعة الواهية التي يتمسك بها معارضو اتفاق الدوحة أن ما يهم هؤلاء هو تكريس الانقسام وإطالة امد معاناة شعبنا.
ان ما يجب ان يقال هنا انها ليست المرة الاولى التي ينكشف فيها للاسف ان من يريد تكريس الانقسام المأساوي ليس فقط الاحتلال الاسرائيلي وانما ايضا بعض القيادات والاصوات التي ارتفعت بعد اتفاق الدوحة. ولكن على هؤلاء ان يفهموا ان شعبنا ليس ساذجا الى هذا الحد الذي ممكن عنده تصديق ان رفض المصالحة وتكريس الانقسام وتوفير الذرائع لاسرائيل للاستمرار في ممارساتها ضد شعبنا، يمكن ان يخدم مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه وقضيته.