التاريخ : الأربعاء 08-05-2024

السفير دبور يستقبل رئيس بلدية صيدا    |     السفير دبور يلتقي السفير الكوبي في لبنان    |     "أوتشا": مخزون المساعدات بغزة لا يكفي لأكثر من يوم واحد    |     الأردن يدين احتلال إسرائيل للجانب الفلسطيني من معبر رفح    |     اليونيسف تحذر من "مجاعة" حال إغلاق معبر رفح مدة طويلة    |     نادي الأسير: الاحتلال يرتكب جريمة بحق الطفل جود حميدات    |     "جنوب أفريقيا": الهجوم على رفح سيدمر آخر ملجأ للناجين في قطاع غزة    |     الصين تدعو إسرائيل إلى وقف الهجوم على رفح    |     بوريل: لا مكان آمن في قطاع غزة ونحن على مشارف أزمة إنسانية كبرى    |     الاحتلال يمنع الأمم المتحدة من دخول معبر رفح    |     أبو ردينة: احتلال معبر رفح يدفع بالأمور نحو حافة الهاوية وتتحمل الإدارة الأميركية تداعيات ذلك    |     مدير المستشفى الكويتي: محافظة رفح تمر بكارثة صحية كبيرة    |     مصر تدين الهجوم الإسرائيلي على رفح والسيطرة على المعبر    |     الأمم المتحدة تحذر: مخزوننا من الوقود يكفي ليوم واحد فقط في غزة    |     السفير دبور يلتقي وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم    |     السفير دبور يلتقى وفد من نقابة تجار ومستوردي المستلزمات الطبية والمخبرية في لبنان    |     السفير دبور وابو العردات يلتقيان قيادة حركة فتح في منطقة صيدا    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة صور    |     السفير دبور يستقبل قادة افواج الاطفاء الفلسطيني في لبنان    |     السفير دبور يكرم الفنانة التشكيلية هبه ياسين    |     الهلال الأحمر: لا توجد بيئة صالحة للحياة في قطاع غزة ونحذّر من انتشار كبير للأمراض المعدية    |     مقررة أممية: يجب معاقبة إسرائيل ومنع تصدير السلاح إليها    |     الأردن يدين اقتحام المستعمرين "للأقصى"    |     فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن
اخبار متفرقة » حركة "حماس" في ظل تحولات الخارطة العربية

 

 حركة "حماس" في ظل تحولات الخارطة العربية

 

وكالة أنباء موسكو: 14-2-2012

تضع التصريحات الأخيرة لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل بين أيدينا عدداً من المعطيات، تظهر بداية تحول في العقيدة السياسية للحركة فرضته مقاربات برنامجية مستحدثة على وقع ما تشهده الخارطة العربية من تغيرات بنيوية، طاولت العديد من الأنظمة السياسية تحت ضغط حراك الشارع، وآلت في تونس والمغرب ومصر إلى حصول حركات "الإسلام السياسي" على مواقع الصدارة في الانتخابات البرلمانية، وبحكم المؤكد ستتبعها شقيقات لها في بلدان عربية أخرى.

مشعل أقر في تصريحاته أن "حماس" تتفق مع غريمتها "فتح" على إقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود الأراضي المحتلة في العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأضاف أن "حماس" ستركز في عملها مستقبلاً على الكفاح الشعبي في مواجهة الاحتلال. ومن الحري بالملاحظة أن أياً من أعضاء قيادة الحركة لم ينف ما أشيع عن توجيه مشعل إيعازاً إلى كتائب عز الدين القسام –الجناح العسكري لـ "حماس"- بتجميد المقاومة المسلحة ضد إسرائيل إلى أجل غير مسمى، إنما اكتفى قياديو الحركة بالتشديد على أن من حق الفلسطينيين مقاومة الاحتلال بكل الوسائل.

وجرَّت تصريحات مشعل ردود فعل وتحليلات متناقضة، حيث تحدثت بعض المصادر عن نشوب خلافات واسعة بين قيادة "حماس" في الخارج وقيادتها في قطاع غزة، وبالمقابل رحبت قيادة "فتح" بالتصريحات، بينما امتنعت باقي الفصائل والقوى الفلسطينية الرئيسية عن التعليق.

كما تباينت الآراء في تقدير ما سيترتب على هذه التصريحات، فكان من بين الآراء من اعتبرها "تحولاً دراماتيكيا قد يفضي إلى تغير استراتيجي في المنطلقات العقائدية لـ "حماس"، وعلى العكس من ذلك رأت فئة من المحللين أن تحول خطاب "حماس" في هذه المرحلة "لا يستنتج منه بالضرورة تغيير استراتيجي في برنامجها".

 وذهب آخرون إلى أن من سيقطع بحقيقة تصريحات مشعل هو صمودها أمام الاختبار العملي، ويجد كثيرون أن لهذا الرأي تسويغاً مقبولاً في دعوة الجميع إلى عدم التسرع في إطلاق أحكام مسبقة، إذ ليس بإمكان أحد أن يعطي حكماً قبل إجراء قراءة متمعنة في حيثيات ثلاثة أسس -بالدرجة الأولى- نشأ عنها التحول في الخطاب السياسي لـ "حماس"، حسب ما عُبِّر عنه على لسان مشعل:

 

أولها حاجة "حماس" راهناً إلى إنجاح المصالحة مع "فتح". وثانيها استعصاء المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية وانسداد أفقها. وثالثها ما يعصف ببنية النظام الرسمي العربي من تغيرات، حملت معها صعود حركات "الإسلام السياسي" إلى سدة الحكم.

في الأساس الأول شكلّت "حماس" خلال السنوات الست الماضية أحد قطبي الانقسام السياسي والكياني الفلسطيني، ومثَّل صراعها التناحري مع "فتح" على السلطة العقبة الرئيسية أمام مؤتمرات الحوار الوطني، واستعادة الوحدة الوطنية بالاستناد إلى القواسم المشتركة في مقاومة الاحتلال.

 وأثبتت الوقائع بالملموس أن تجربتها في الحكم وسيطرتها على قطاع غزة لم تعط مثالاً مغايراً لتجربة "فتح" وانفرادها بالسلطة حتى العام 2006، من حيث إقصاء الآخر، وانتفاء وجود فصل واضح بين الهيكل التنظيمي –السياسي والعسكري- للحركة باعتبارها حزباً حاكماً وبين مؤسسات السلطة باعتبارها مؤسسات وطنية جامعة.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أداء الحكومة المقالة في غزة أبعد عن "حماس" فئات واسعة ممن كانوا يناصرونها، بالإضافة إلى تأثير فشل جهود  كسر الحصار الإسرائيلي، وما يُتناقل على ألسنة العامة في قطاع غزة من مظاهر فساد بدأت تطفو على السطح، فضلاً عن الصعوبات المالية واللوجستية التي تمرُّ بها الحركة.

وبدا يغدو تقديم تنازلات لتحقيق المصالحة صفقة مجزية، تستطيع من خلالها "حماس" أن ترفع عن كاهلها مسؤولية استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، والحفاظ على الجزء الأكبر من مكتسباتها، وإعادة تقاسم السلطة مع "فتح"، وتحسين صورتها أمام الداخل والخارج. وفي حسابات الحركتين، على حد سواء، إن احتمالات إجراء انتخابات المجلسين الوطني والتشريعي ورئاسة السلطة -بالتزامن- في شهر أيار (مايو) القادم تبقى شبه معدومة، لذلك سيرسو الحل على صفقة محاصصة في مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.

وتنطلق "حماس" في الأساس الثاني من قناعة تفيد أن لا جدوى من محاولات انتشال المفاوضات الفلسطينية -الإسرائيلية من مأزقها، وهذا يعني تبريد خلافاتها السياسية المحتدمة مع فريق رئاسة السلطة، مما يفسح مجالاً لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني مرحلياً.

أما في الأساس الثالث فإن "حماس" تجد نفسها ملزمة بتخفيف الضغط السياسي الخارجي عن حركات "الإسلام السياسي" التي انتقلت إلى كرسي الحكم، أو تلك التي تستعد لذلك، وعلى هذه الخلفية يصبح ضرورياً أن يعاين قادة "حماس" الواقع الانتقالي في تونس والمغرب ومصر خاصة، حيث من غير الوارد في سلم الأولويات مطلب إعادة النظر جذرياً في العلاقة مع إسرائيل، فأقصى ما هو متوقع في المرحلة القادمة، حسب وصف السفير الإسرائيلي السابق في مصر والأردن شمعون شمير، "أن يحل محل السلام البارد والمستقر سلام جامد قابل للإضرار به". من هنا إن تجميد "حماس" للمقاومة المسلحة، وقبولها بمبدأ قيام دولة فلسطينية مستقلة في حدود الأراضي المحتلة 1967،  كفيل بتخفيف الضغوط على الإخوان المسلمين والسلفيين في مصر وحزب "البناء والتنمية" الإسلامي في المغرب، كما يريح "الإخوان المسلمين" في الأردن ويضع بين أيديهم سلاحاً مهماً في سياق مطالبتهم الملك عبد الله الثاني بفتح صفحة جديدة من العلاقات مع قادة "حماس"، خاصة بعد الزيارة التي قام بها خالد مشعل إلى عمان برفقة ولي العهد القطري.

إن ما سبق، ينطوي على استخلاصات لفهم حقيقة المقاربات البرنامجية المستحدثة في الخطاب السياسي لحركة "حماس"، وبعيداً عن الإحكام النظرية المسبقة، إن اكتمال دائرة ولادة تحوُّل مفصلي في العقيدة الأيديولوجية للحركة، أو بقاء المقاربات البرنامجية في حيز اشتقاقات ظرفية متقلبة، سيكون وثيق الصلة بالصيغة التي سيعاد من خلالها تشكيل الإجماع القومي العربي إزاء القضية الفلسطينية، والحلول المطروحة لها، بمشاركة فاعلة لحركات "الإسلام السياسي"، التي انتقل قادتها في ثلاثة بلدان من غياهب السجون والإبعاد والإقصاء والتهميش إلى سدة الحكم، وسيتبعهم آخرون.

2012-02-14
اطبع ارسل