التاريخ : الأربعاء 24-04-2024

نيابة عن الرئيس: السفير دبور يضع اكليلا من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية في بير    |     الرئيس يدعو لاقتصار فعاليات عيد الفطر على الشعائر الدينية    |     "هيومن رايتس ووتش": التجويع الذي تفرضه إسرائيل على غزة يقتل الأطفال    |     فرنسا تقترح فرض عقوبات على إسرائيل لإرغامها على إدخال المساعدات إلى غزة    |     ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 33,360 شهيدا منذ السابع من تشرين الأول الماضي    |     اليونيسف: غزة على حافة الدمار والمجاعة    |     أردوغان: سنواصل دعمنا للشعب الفلسطيني حتى إقامة دولته المستقلة    |     قوات الاحتلال تقتحم طولكرم وتعتقل سبعة مواطنين    |     غوتيرش ينتقد منع الصحفيين الدوليين من دخول غزة و"رابطة الصحافة الأجنبية" تعرب عن مخاوفها    |     رئيس الوزراء يلتقي وزير الخارجية السعودي في مكة    |     الرئيس المصري يستقبل رئيس الوزراء محمد مصطفى    |     الجمعية العامة للأمم المتحدة تعقد جلسة حول الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية    |     مجلس الأمن يقر بالإجماع إحالة إعادة النظر في طلب فلسطين للعضوية الكاملة إلى لجنة العضوية    |     الاحتلال يمنع رفع الأذان وأداء صلوات المغرب والعشاء والتراويح في حوسان    |     الزعيم الروحي للطائفة المعروفية الدرزية الشيخ موفق طريف يهاتف الرئيس لمناسبة حلول عيد الفطر    |     الرئيس يتلقى اتصالا من الكاهن الأكبر للطائفة السامرية لمناسبة حلول عيد الفطر    |     "القوى" تؤكد أهمية تضافر الجهود لوقف حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحق أبناء شعبنا    |     نادي الأسير: الاحتلال يحتجز جثامين 26 شهيدا من الحركة الأسيرة    |     ملك الأردن والرئيسان المصري والفرنسي: يجب وقف إطلاق النار في غزة الآن    |     "العدل الدولية" تبدأ جلسات الاستماع بشأن طلب التدابير المؤقتة الذي قدمته نيكاراغوا بحق ألمانيا    |     "الأغذية العالمي" يجدد التحذير من مجاعة شمال غزة    |     "الخارجية" تدين جريمة اعدام الأسير دقة وتطالب المنظمات الدولية بتوفير الحماية لشعبنا    |     الاحتلال يعتقل 45 مواطنا من الضفة    |     شهداء ومصابون في سلسلة غارات اسرائيلية على مناطق وسط وجنوب قطاع غزة
الصحافة الفلسطينية » فلسطين والعرب والنموذج
فلسطين والعرب والنموذج

 

 

فلسطين والعرب والنموذج

جريدة الايام

 

بقلم حمادة فراعنة 1-3-2012

لا يمكن للمرء المنصف، المدقق، الزائر لتركيا، والمتابع لمجريات اهتماماتها، وتحديد أولوياتها، إلاّ أن يلحظ أن لديها الانحياز الواعي المبني على المصالح والتطلعات والشراكة، ويتعامل معها من خلال ثلاثة ملفات مترابطة، مع بعضها، أو منفصلة ولكنها تصب في مجرى واحد، ملفات فلسطين أولاً والعلاقات العربية التركية ثانياً، والنموذج التركي المحتذى به ثالثاً.

الأتراك يعرفون ماذا يريدون، لديهم واقع اقتصادي اجتماعي سياسي، فرضهم كدولة تقع في الخانة رقم 17 من بين دول العالم المتقدم، ولديهم تطلعات ورغبة جامحة ليكونوا في الخانة العاشرة من بين دول العالم، مؤكدين أنهم أتراك أولاً وثانياً وعاشراً، ونظرتهم للإسلام نظرة قيم وتاريخ يتباهون به كأفراد وكأمة، ويعملون على تجديده بأدوات عصرية طالما أن الواقع فرضهم كجسر التواصل بين الماضي والحاضر، مثلما هم صلة الترابط الإنساني والجغرافي بين آسيا وأوروبا.

الإسلام بالنسبة إليهم قضية شخصية إنسانية، تعكس ترابط الفرد بخالقه والالتزام بما هو مطلوب منه ذاتياً، أما الحساب والنتائج والعلاقة فهي مباشرة دون وسيط، أي لا صلة للمجتمع والدولة بهذه العلاقة الثنائية بين الخالق والإنسان الفرد، كل منهم يتحمل مسؤولية فعله وأدائه وخياره، ودون تحميل الناس جمايل الإيمان والتقوى.

فلسطين بالنسبة للأتراك، قضية وطنية تتفوق عليها أو تضاهيها أو تتقدم عليها أو تقف بعدها القضية القبرصية، فهي تدخل في صلب اهتماماتهم ورعايتهم ومشاعرهم، فلسطين القدس المسجد الأقصى مسميات لمضمون واحد قد تدفع مواطناً تركياً، قد يتقدم مستواه أو مكانته لموقع وزير أو رئيس، ولا يتردد من نزف الدموع حسرة أو إحساساً بالتقصير أو عجزاً عن تأدية الواجب نحو عنوان كبير اسمه فلسطين.

في العام 1967، كما قال لنا مسؤول كبير "جرت تظاهرات مؤيدة لإسرائيل واحتلالها باقي الأراضي الفلسطينية الضفة والقدس والقطاع، معبرة هذه المظاهر عن الفرح التركي لهزيمة العرب أمام الحليف والصديق الإسرائيلي" أما اليوم فوفق أحد الاستفتاءات كما يقول المسؤول التركي نفسه "فإن 98 بالمائة من الأتراك يقفون مؤيدين داعمين للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ونضاله المشروع، ليس هذا وحسب بل وتشهد التحولات الجوهرية لتركيا (الشعب والدولة)، بعد ما جرى في سفينة (مرمرة) في أيار 2010، وسقوط شهداء أتراك من أجل فلسطين، على أيدي القوات البحرية الإسرائيلية"، ويختصر المسؤول التركي قوله "لقد أصبح الشعب التركي شريكاً في القضية الفلسطينية بعد شهداء سفينة مرمرة فقد استشهدوا من أجل فلسطين وعدالة قضيتها".

في الحوار مع الرئيس التركي عبد الله غُول قال لنا لا تراجع عن الموقف التركي، ولن تكون علاقات أو أي اتصال مع إسرائيل إلا بتحقيق شروط تركيا الثلاثة:

الاعتذار أولاً والتعويض لأسر الضحايا الشهداء ثانياً وفك الحصار عن الشعب الفلسطيني في غزة ثالثاً.

في ملف العلاقات التركية العربية، ثمة مصلحة لبناء علاقات متوازنة ندية متكافئة بين العرب وتركيا، كبلد صديق ودولة مجاورة، وقومية رديفة، نرتبط معها بالجغرافيا والمياه والقيم المشتركة والمنافع المتبادلة لمواجهة خصوم مشتركين أولهم العدو القومي الذي يحتل أرضنا ويصادر حقوقنا وينتهك كرامتنا، وتركيا تقف معنا ضد هذا العدو بقوة وإيمان ومصلحة، فلماذا لا تكون المبادرة العربية بالخطوط المفتوحة بين القيادات والأحزاب والبرلمانات والبلديات والتجار والمهنيين والمثقفين والكتاب لخلق جبهة متراصة مبنية على المصالح والقيم والتطلعات بين العرب والأتراك، لتعود علينا وعليهم بالخير والفائدة وحسن الاختيار، ولمواجهة التحديات والخصوم والتطلع نحو مستقبل أفضل للقوميتين العربية والتركية في عالم تتحكم فيه الولايات المتحدة وإسرائيل.

في ملف النموذج التركي اتضحت الصورة حينما نجح حزب العدالة والتنمية قبل 12 سنة بـ 37 بالمائة من الأصوات وينجح بالدورة البرلمانية الثانية بـ 46 بالمائة ويفوز بالدورة الثالثة بأكثر من خمسين بالمائة، وها هي تركيا على أبواب الانتخابات، محققاً حزب العدالة والتنمية النجاحات المتتالية دون تزمت وادعاء، ودون تبجح على أنه حزب إسلامي، فهو حزب تركي ذو برنامج وطني وخلفية إسلامية في دولة علمانية، الإسلام والإيمان والعقيدة فيها مرشد للإنسان في حياته وتصرفاته وسلوكه الذاتي الشخصي الإنساني، لا يلزم الآخر بما يلزم نفسه فيه، وهكذا تنجح تجربة رجب طيب أردوغان دون أن يقع شعبه ودولته وشخصه وحزبه بمعايير معادية لحقوق الإنسان، بل ينتصر في مجتمعه وفي قيادة الدولة ضمن أقسى معايير حقوق الإنسان وتداول السلطة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، في دولة علمانية يقع الإسلام فيها موقع الاحترام والتقدير وتتباهى إسطنبول التي تستقبل ملايين السياح من جميع أنحاء العالم، وهي تحتضن 36 ألف مسجد في أحيائها المنتشرة والموزعة بين القارتين الآسيوية والأوروبية.

تركيا في ظل حزب العدالة والتنمية نموذج لنجاح الإسلام في دخول العصر والتعامل بمفرداته ومضامينه والالتزام بمعاييره بما يتعارض مع الأحزاب الشمولية اليسارية والقومية التي فشلت وهزمت لأن الحياة ضد اللون الواحد والحزب الواحد والقائد الملهم والزعيم العرمرم، فالحياة نمت على التعددية والتباين والاجتهاد، واحترام الآخر والإقرار بوجوده، وهكذا هي تركيا التي تحترم نفسها وفرضت احترامها على الآخرين من أصدقاء وخصوم في الوقت نفسه.

 

2012-03-01
اطبع ارسل