التاريخ : الجمعة 05-12-2025

شيخ العقل يلتقى مبعوث الرئيس الفلسطيني ياسرعباس و سفير دولة فلسطين د محمد الاسعد    |     فتوح: إسرائيل تواصل خرقها الفاضح لاتفاقية شرم الشيخ والقانون الدولي الإنساني    |     الرئاسة ترحب بالبيان الختامي للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية    |     فتوح يرحب بالبيان الختامي لقمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي    |     الرئيس يشكر نظيره الصيني على تقديم 100 مليون دولار دعماً إنسانياً لفلسطين    |     "فتح" ترحب بالموقف الصادر عن الرئيس الصيني بتأكيده على الدعم الثابت لشعبنا    |     هيئة الأسرى ونادي الأسير يعلنون عن أسماء ثلاثة شهداء من معتقلي غزة    |     بحضور السفير الفلسطيني في لبنان جمعية المواساة تحيي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني واليوم الدولي لل    |     السفير الاسعد: الثقافة قادرة على تثبيت الحقيقة وبناء جسور الصداقة بين الشعوب    |     السفير الاسعد يلتقي قيادة حزب طليعة لبنان العربي وجبهة التحرير العربية    |     دائرة التنظيمات الشعبية بمنظمة التحرير: العلاج والتأهيل والسفر للعلاج حق لكل ذي إعاقة    |     "هيئة الأسرى": التجويع والإهمال الطبي مستمران في سجون الاحتلال    |     الجمعية العامة تصوت على قرار يدعو لانسحاب إسرائيل من أرض دولة فلسطين    |     "مقاومة الجدار والاستيطان": 2144 اعتداء نفذها الاحتلال ومستعمروه في تشرين الثاني الماضي    |     "الإحصاء": تضاعف الإصابات الجسيمة في غزة إلى 42 ألفاً وارتفاع حاد في حالات البتر    |     فتوح يرحّب بالقرار الأممي الداعي إلى تسوية القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية    |     رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة: الوقت قد حان لاتخاذ خطوات حاسمة بشأن القضية الفلسطينية    |     الرئاسة تثمن موقف الإجماع الدولي بالجمعية العامة لصالح إنهاء الاحتلال على الأرض الفلسطينية في القدس     |     برعاية وحضور رئيس الوزراء: إطلاق قمة المرأة والتكنولوجيا والمال    |     "الخارجية": الاحتلال يتعمد استهداف المواطنين بهدف القتل أو التسبب في إعاقة دائمة لهم    |     السفير الاسعد يستقبل المسؤولة السياسية في قوات اليونيفيل    |     الاسعد يستقبل عددا من الشخصيات الفلسطينية    |     الاسعد يشارك في "الاستراتيجية الوطنية للتعليم الأخضر نحو مستقبل مستدام ومنسجم للبنان"    |     السفير الاسعد يستقبل قيادة حركة فتح في بيروت
فلسطين بعيون الصحافة اللبنانية » فتح في مواجهة المشروعين المضادين
فتح في مواجهة المشروعين المضادين

 

 

فتح في مواجهة المشروعين المضادين

 

خيرالله خيرالله

جريدة المستقبل 5-3-2012

كان طبيعيا تعثّر المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية في غياب القدرة لدى طرفي المصالحة على ايجاد مضمون لها. هربت "فتح" الى المصالحة بسبب الازمة العميقة التي تعاني منها من جهة وفي غياب الافق السياسي من جهة اخرى. امّا "حماس"، فقد اعتقدت، ولا تزال تعتقد، ان المصالحة ستمكّنها من تحقيق هدفها المتمثّل في تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني، اي نقل حال البؤس والتخلّف التي تعاني منها غزة الى الضفة الغربية...

قد يتمكّن الرئيس محمود عبّاس (ابو مازن) يوما ما من تشكيل حكومة وحدة وطنية تحلّ مكان الحكومة الحالية المستقيلة التي يرأسها الدكتور سلام فيّاض. لن يؤدي ذلك سوى الى مزيد من الضياع الفلسطيني في غياب المشروع السياسي الواضح الذي يمكن ان يسمح بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي وتخلّي حكومة بنيامين نتانياهو عمليا عن خيار الدولتين. مثل هذه الحكومة التي يفترض ان تشرف على انتخابات رئاسية وتشريعية لا يمكن ان تخدم سوى "حماس" الساعية الى التخلّص من حكومة سلام فيّاض بصفة كونها حكومة تحظى بثقة المجتمع الدولي ودعمه. انها حكومة مقاومة فعلا للاحتلال ومعادية له نظرا الى انها جعلت من الضفة الغربية ارضا غير طاردة لاهلها.

يخشى بكلّ بساطة ان يكون الهدف الوحيد لـ"حماس" من خلال الاستجابة للجهود الخيّرة الهادفة الى تحقيق المصالحة التخلص نهائيا من حكومة سلام فيّاض التي تشكّل حاجزا في وجه تكرار تجربة غزّة في الضفة الغربية. فالملفت ان كلّ ما فعلته الحركة الاسلامية، اقلّه حتى الآن، هو استغلال المصالحة للامساك بغزة مغلقة كل الابواب في وجه امكان استعادة "فتح" اي موقع لها في القطاع، حتى المواقع التي ترمز الى القادة التاريخيين للشعب الفلسطيني، على راسهم ياسر عرفات وامير الشهداء خليل الوزير (ابو جهاد).

في ضوء الضعف الذي تعاني منه "فتح" في هذه الايام، خصوصا بسسب الانقسامات التي تهدد الحركة وغياب الرؤية الواضحة للمستقبل، يفترض في الحركة التي وضعت فلسطين مجددا على الخريطة السياسية للشرق الاوسط ان تعيد حساباتها. فالمعركة ليست مع "حماس"، بل مع مشروعها السياسي القائم على مهادنة الاحتلال والانصراف الى ممارسة السلطة حتى ولو كان ذلك على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في اقامة دولته المستقلّة "القابلة للحياة".

ان تجربة غزة منذ الانسحاب الاسرائيلي صيف العام 2005 لا تشجّع على مصالحة من اجل المصالحة. مثل هذه التجربة تحتّم على كل الاطراف الفلسطينية المعنية، بغض النظر عن اي ايدولوجية من اي نوع كان، التفكير بطريقة واضحة. وهذا يعني التزام المشروع الوطني المقبول من المجتمع الدولي. لا يمكن للفلسطينيين التخلي عن مشروعهم الوطني الذي هو ثمرة ما يزيد على ستة عقود من النضال السياسي والعسكري. اسم المشروع الوطني الفلسطيني البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي تشنّ اسرائيل حربا شعواء عليه نظرا الى ان هدف حكومة نتنياهو تكريس الاحتلال لجزء من الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.

هل المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية خطوة تصبّ في مواجهة المشروع الاسرائيلي؟ الجواب نعم كبيرة شرط قطع الطريق على استعادة تجربة غزة في الضفة الغربية. كلّ ما فعلته "حماس" في غزة منذ العام 2005 يتمثّل في تسهيل مهمة الحكومات الاسرائيلية المتلاحقة بدءا بحكومة ارييل شارون الذي اتخذ القرار القاضي بالانسحاب الاحادي الجانب من القطاع.

منذ اليوم الاوّل للانسحاب الاسرائيلي من غزّة، الذي استهداف "الامساك بطريقة افضل" بالضفة الغربية، حسب تعبير دوف فايسغلاس مدير مكتب شارون وقتذاك، ارتكبت حماس كل الأخطاء الممكنة. زادت اوّلا فوضى السلاح في غزة، ثم كان الانقلاب الكبير منتصف العام 2007، وهو انقلاب ادى الى خروج "فتح" من القطاع. توّجت تصرفات "حماس" باطلاق الصواريخ في اتجاه اراض اسرائيلية. كان كلّ صاروخ تطلقه "حماس" وغير "حماس" هدية من السماء للحكومات الاسرائيلية التي لم تتوقف عن ترديد ان "لا وجود لشريك فلسطيني يمكن التفاوض معه".

بعد استنفاد نتانياهو لشعار غياب الشريك الفلسطيني، لجأ الى المطالبة بالتفاوض ولكن "من دون شروط مسبقة"، اي من دون مرجعية واضحة للمفاوضات. مثلما تريد "حماس" مصالحة فلسطينية من اجل المصالحة كي تستغل الوقت للتسلل الى الضفة الغربية تمهيدا لوضع اليد عليها، تريد اسرائيل مفاوضات من اجل المفاوضات.

لا شكّ ان "فتح" في وضع لا تحسد عليه. انها في مواجهة مشروعين مضادين للمشروع الوطني الفلسطيني. هناك مشروع حكومة نتنياهو ومشروع "حماس". المشروعان يلتقيان عند كسب الوقت والرغبة في تكريس الاحتلال. لو كانت "حماس" بالفعل ضد الاحتلال، هل كانت مانعت في ان تكون غزّة نموذجا مصغّرا للدولة الفلسطينية المستقبلية، خصوصا بعد انسحاب اسرائيل من القطاع انسحابا كاملا؟

ليس صحيحا ان "فتح" لا تمتلك خيارات في مواجهة المشروعين المضادين. هناك خيار التمسّك بحكومة سلام فيّاض اوّلا نظرا الى انها الحكومة الوحيدة التي تضمن استمرار تدفق المساعدات الغربية. هذه الحكومة هي افضل شيء حصل للفلسطينيين منذ سنوات عدّة.

في النهاية، تحتاج المصالحة الى اقناع "حماس" بانه مثلما اعترفت، بعد فوات الاوان طبعا، بانّ الصواريخ التي تطلق من غزة تخدم اسرائيل، يفترض بها الاعتراف قبل فوات الاوان بانّ لا بديل من المشروع الوطني الفلسطيني قاعدة لاي تحرّك سياسي مستقبلي. من دون هذا الاعتراف ستظلّ المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية اقرب الى عملية هروب الى امام اكثر من اي شيء آخر.

 

 

2012-03-05
اطبع ارسل