أبو سمير العلمي ذو القلب الحليم
جريدة الحياة الجديدة
بقلم بكر ابو بكر 5-3-2012
قلة من الأشخاص الذين تألفهم أو تحبهم من النظرة الأولى، وقد لا تجد كثيراً من الناس من يشي وجهه وحركاته ومنطق حديثه بالقبول من النظرة أو الموقف الأول.
وصفوة من الناس من يتسم بالحلم، فلا تكاد تراه غاضبا أو منزعجا حتى في أحلك الظروف وأشد الأيام صعوبة ومنها في المعارك والمواجهات والأزمات.
وفئة متميزة من البشر هي التي تستمع إليك بمودة وشغف فلا تكاد تقاطعك إلا بغية الاستفسار أو الاستفهام أو طلبا للاستزادة لأن الصدر الواسع والإصغاء الكامل والهدوء الذاتي هي من مكونات الحليم.
عبد الرؤوف العلمي الرجل المؤمن بالله بعمق، وبدينه ووطنه، من قادة العمل الوطني الفلسطيني، وسيف من سيوف فلسطين، هو من هذه القلة والصفوة والفئة المتميزة التي أشرت لبعض صفاتها، إذ تشدك وتأسرك وتحبك كما أنت فلا تفرض عليك نفسها أو رأيها بل تتخذ من الرحابة إلى حد الذوبان فيك منهجا ثم تلقى عليك بظلالها بخفة ومهارة.
عرفته وأنا طالب أحبو في خطواتي الأولى نحو السياسة والفكر والتنظيم والكتابة والأدب، وتقاطعت معه في كثير من المواقف حتى جاورته زميلا على طاولة لجنة الإقليم في حركة فتح بالكويت، واستمرت علاقتنا ملفعة بالوداد والثقة والعبير.
وإذ استطاع أبو سمير أن يرسم شخصية مقبولة للجميع بل ومحببة لكل الأطراف المختلفة في حركة فتح حينها على أفضل السبل لخدمة الوطن، فإنه شكل رابطا وفكرا وسطيا جامعا.
لم يؤمن يوما بالتفرق وإن عد الاختلاف رحمة وسياقاً محموداً ضمن المرجعية الواحدة التي كانت حينها ممثلة بشخص عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الأستاذ سليم الزعنون.
عبد الرؤوف العلمي إلى ما سبق طاقة إدارية علمية تنفيذية جبارة، يؤمن بالمبادرة كما يؤمن بالعمل، ولا ينفك منشغلا بمهامه مبتعدا قدر إمكانه عن الاضطراب وبحور الخلاف ضاربا بذلك نموذجا في القيادة الإنسانية الرفيعة التي تشاركها وإن كل بأسلوب مختلف ومحبب مع المرحوم حسن المطري.
بعد خروجه من الكويت واصل مسيرته العملية عضوا ومديرا للمجلس الوطني الفلسطيني في مقره الرئيس في عمان، ولم يتغير عليه شيء، فهو الرجل العملي المرحاب ذو القلب الكبير واللمسة الحانية ولقطات العشق البارزة للوطن والناس ما أورثه لأولاده خاصة سمير.
واليوم في شهر آذار من العام 2012 إذ يتوقف قلبه المفعم بالحب عن النبض فإنه ترك ولدا صالحا، وأخوة في العمل الوطني.. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.