قطف الزيتون تحت بنادق العسكر
نابلس 8-10-2018
يتفقد المزارع غالب أبو صالح، من بلدة الساوية جنوب نابلس، ما تبقى من ثمار على أشجار زيتونه في أرضه القريبة من مستوطنة "رحاليم"، بعد أن سمحت سلطات الاحتلال للمزارعين بالدخول لأراضيهم لثلاثة أيام فقط.
أبو صالح الذي وصل برفقة أكثر من عشر عائلات من القرية للأرضي المهددة بالمصادرة، تفاجأ بسرقة المستوطنين ثمار أشجار الزيتون، فيما جفت أشتال صغيرة أخرى غرسها قبل سنوات؛ نتيجة منعه من رعايتها بقرار من الاحتلال الإسرائيلي.
يقول أبو صالح لـ"وفا": "لدي عشرون دونما هنا، لكن لا أتمكن من دخولها إلا ليوم واحد لحراثتها في الشتاء، وثلاثة أيام لقطف ثمار الزيتون في الصيف فقط".
منذ اندلاع انتفاضة "الأقصى" عام 2000، يقطف أبو صالح وعائلته زيتونهم على عجل بأعصاب مشدودة، وترقب اعتداء جديد من غرباء استوطنوا أعلى التلة، حيث تعرض وعائلته للإصابة عدة مرات، وهشِّمت مركبتهم أكثر من مرة، إثر اعتداءات المستوطنين المتكررة.
مع ساعات الظهيرة، وصل متطوعون من هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ومؤسسات مدينة نابلس، لمساعدة الأهالي في قطف ثمار الزيتون، رغم منع جنود الاحتلال دخولهم والتهديد باعتقال المتواجدين، إلا أنهم تمكنوا من الوصول سيرا على الأقدام.
ومنعت قوات الاحتلال 11 قنصلا من دول الاتحاد الأوروبي والقنصل البريطاني من الوصول للأراضي لمساعدة المواطنين، بحجة عدم وجود تنسيق، وطالبتهم بإخلاء المكان فورا.
وعلى مقربة من أبو صالح، تمكن المتطوعون من الوصول للمزارع عرفات أبو راس الذي كان يقطف زيتونه على مسافة أمتار من سياج مستوطنة "رحاليم"، فيما منع الاحتلال الصحفيين من الوصول، بحجة أن "التصوير ممنوع".
يقول أبو راس لـ"وفا"، إنهم تمكنوا منذ السابعة والنصف صباحا من الدخول لأرضهم لقطف الزيتون، إلا أنهم تفاجأوا بأن المستوطنين أغرقوا أراضيهم بالمياه العادمة، فلم يتمكنوا من قطف عدد من الأشجار.
ويضيف أن الاحتلال لا يسمح لهم بدخول أراضيهم إلا لأربعة أيام خلال العام، قائلا: "نقطف ثمار الزيتون وبنادق الاحتلال تحيط بنا من كافة المناطق، الجيش لا يفارق المكان أبدا".
وينوه إلى أن الاحتلال حرم المواطن عبد الكريم الخطيب هذا العام من قطف ثمار الزيتون من أرضه القريبة من المستوطنة، بحجة المنع الأمني.
وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف لـ"وفا"، إن مشاركة مواطني جنوب نابلس بقطف الزيتون تأتي ضمن "حملة الخان الأحمر لقطف الزيتون"، التي أطلقتها الهيئة لدعم صمود المزارعين في المناطق المصنفة "ج" من الضفة الغربية، وكسر الحواجز وتقديم المساعدة لهم، بالتعاون مع القنصلية البريطانية.
وأشار إلى أنه تم الاتفاق مع مزارعي الساوية للاستثمار في أراضيهم وتطويرها على نفقة الهيئة بالاشتراك مع المحافظة، من خلال تسييجها وحراثتها وزراعتها، مؤكدا أن موقع الأرض التي نفذ فيها اليوم التطوعي تشبه منطقة الخان الأحمر الفاصلة بين الوسط والجنوب، كونها تفصل بين الوسط والشمال.
ونوّه عساف إلى أن تلك المنطقة الواقعة في الطريق الواصل بين محافظتي نابلس ورام الله والبيرة والشارع الالتفافي القريب من حاجز زعترة العسكري، يواجه فيها المزارعون باستمرار منعهم من الدخول لأراضيهم ورعايتها وحراستها وزراعتها، والاعتداءات المتكررة من المستوطنين.
من جهته، أوضح مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس لـ"وفا"، بأن مستوطنة "رحاليم" أقيمت عام 1991 كمعسكر للجيش وتحولت لاحقا كمستوطنة، حيث عمل الجيش على توسعتها وشق طرق التفافية لخدمتها.
وأضاف أن الاحتلال يمنع مزارعي المنطقة من الوصول لأراضيهم إلا بتنسيق، حيث يعمل الاحتلال على تفريغ الأرض وعدم تطويرها وعدم زراعتها، مشيرا إلى أن المستوطنين خربوا واقتلعوا ثلاثة آلاف شجرة زيتون خلال السنوات الماضية في تلك المنطقة.
بدوره، قال محافظ نابلس اللواء أكرم رجوب إن الفعالية تهدف لتعزيز صمود المواطنين في مواجهة المستوطنين، وحمايتهم في مواجهة الاعتداءات المتكررة التي يتعرضون لها من تخريب للأشجار واعتداء على الممتلكات.
وأشار إلى أن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان بالتعاون مع المحافظة عملت على تزويد المزارعين بالوسائل اللازمة في قطف الزيتون، لتعزيز صمودهم.