التاريخ : السبت 20-04-2024

نيابة عن الرئيس: السفير دبور يضع اكليلا من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية في بير    |     الرئيس يدعو لاقتصار فعاليات عيد الفطر على الشعائر الدينية    |     "هيومن رايتس ووتش": التجويع الذي تفرضه إسرائيل على غزة يقتل الأطفال    |     فرنسا تقترح فرض عقوبات على إسرائيل لإرغامها على إدخال المساعدات إلى غزة    |     ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 33,360 شهيدا منذ السابع من تشرين الأول الماضي    |     اليونيسف: غزة على حافة الدمار والمجاعة    |     أردوغان: سنواصل دعمنا للشعب الفلسطيني حتى إقامة دولته المستقلة    |     قوات الاحتلال تقتحم طولكرم وتعتقل سبعة مواطنين    |     غوتيرش ينتقد منع الصحفيين الدوليين من دخول غزة و"رابطة الصحافة الأجنبية" تعرب عن مخاوفها    |     رئيس الوزراء يلتقي وزير الخارجية السعودي في مكة    |     الرئيس المصري يستقبل رئيس الوزراء محمد مصطفى    |     الجمعية العامة للأمم المتحدة تعقد جلسة حول الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية    |     مجلس الأمن يقر بالإجماع إحالة إعادة النظر في طلب فلسطين للعضوية الكاملة إلى لجنة العضوية    |     الاحتلال يمنع رفع الأذان وأداء صلوات المغرب والعشاء والتراويح في حوسان    |     الزعيم الروحي للطائفة المعروفية الدرزية الشيخ موفق طريف يهاتف الرئيس لمناسبة حلول عيد الفطر    |     الرئيس يتلقى اتصالا من الكاهن الأكبر للطائفة السامرية لمناسبة حلول عيد الفطر    |     "القوى" تؤكد أهمية تضافر الجهود لوقف حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحق أبناء شعبنا    |     نادي الأسير: الاحتلال يحتجز جثامين 26 شهيدا من الحركة الأسيرة    |     ملك الأردن والرئيسان المصري والفرنسي: يجب وقف إطلاق النار في غزة الآن    |     "العدل الدولية" تبدأ جلسات الاستماع بشأن طلب التدابير المؤقتة الذي قدمته نيكاراغوا بحق ألمانيا    |     "الأغذية العالمي" يجدد التحذير من مجاعة شمال غزة    |     "الخارجية" تدين جريمة اعدام الأسير دقة وتطالب المنظمات الدولية بتوفير الحماية لشعبنا    |     الاحتلال يعتقل 45 مواطنا من الضفة    |     شهداء ومصابون في سلسلة غارات اسرائيلية على مناطق وسط وجنوب قطاع غزة
فلسطين بعيون الصحافة اللبنانية » غزة خرجت خاسرة مرّة أخرى..
غزة خرجت خاسرة مرّة أخرى..

 

غزة خرجت خاسرة

مرّة أخرى..

جريدة المستقبل:

 

خيرالله خيرالله 22-3-2012

حسنا، هناك عودة الى الهدنة، على الاصحّ الى شبه هدنة، في غزّة. توسطت مصر لوقف العدوان الذي تعرّض له القطاع واهله، كما استخدمت "حماس" القنوات التي تربطها باسرائيل بغية تأكيد ان لا نية لديها في التصعيد وانها ستعيد ضبط الاوضاع في غزّة ومنع اطلاق الصواريخ منها. كانت النتيجة سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى وبقاء الوضع على حاله. وبقاء الوضع على حاله، في ظلّ هدنة هشّة، يصبّ في مصلحة "حماس" واسرائيل في آن. "حماس" تريد الاحتفاظ بسيطرتها على غزة. واسرائيل تريد طرفا فلسطينيا غير مهتم بعملية السلام وذلك كي تدعي ان لا وجود لشريك يمكن التفاوض معه.

بدأت جولة العنف الاخيرة باغتيال اسرائيل من الجو الشيخ زهير القيسي الامين العام لـ"لجان المقاومة الشعبية". كان الى جانبه احد القياديين في "سرايا القدس"، الجناح العسكري لـ" حركة الجهاد الاسلامي"، ذهب بدوره ضحية العدوان الاسرائيلي. ردّت غير جهة على الاغتيال باطلاق صواريخ في اتجاه بلدات وقرى اسرائيلية قريبة من غزة. ربّما كانت اسرائيل تسعى الى مثل هذا النوع من التصعيد لاختبار منظموتها الجديدة التي يفترض ان تحميها من الصواريخ، اكان مصدرها غزة ام الاراضي اللبنانية.

تمارس اسرائيل ارهاب الدولة. قررت الانتقام من عملية استهدفت سياحا اسرائيليين نفّذتها "لجان المقاومة الشعبية" في آب- اغسطس الماضي على الطريق الرقم 12 الذي يمتد على طول الشريط الحديدي مع مصر وذلك على بعد نحو عشرين كيلومترا من ميناء ايلات المطل على البحر الاحمر.

ما الذي يمكن استنتاجه من شريط الاحداث التي ذهب ضحيتها هذا العدد الكبير من ابناء غزة؟

كلّ ما يمكن قوله ان غزّة خرجت خاسرة من جولة العنف الجديدة، تماما كما حصل بعد حرب اواخر العام 2008 وبداية العام 2009. لكنّ الاهمّ من ذلك، ان "حماس" وخلفها تنظيم الاخوان المسلمين في مصر الذي يدعمها وينسّق معها، سارعا الى لملمة الاوضاع ووضع حدّ للتصعيد. انه قرار حكيم يشير الى وجود نية لدى حكومة السيد اسماعيل هنية المقالة في احكام سيطرتها على القطاع ومنع اي تجاوزات في المستقبل. يستطيع الموالون لايران في غزة اطلاق صاروخ من هنا وآخر من هناك، ولكن يبدو ان هناك حدودا للتصعيد لا يمكن تجاوزها نظرا الى ان لا مصلحة لـ"حماس" في ذلك.

مثل هذا التصعيد غير وارد لسبب في غاية البساطة عائد الى وجود تفاهم ضمني بين "حماس" واسرائيل على بقاء الوضع الراهن على حاله. يعود هذا التفاهم الى رغبة "حماس" في تأكيد انها الحاكم الوحيد وصاحب الكلمة الاولى والاخيرة في "الامارة الاسلامية" التي اقامتها في القطاع بهدف تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني لا اكثر ولا اقل.

في لحظة معينة، كان على اسرائيل تخيير "حماس" بين الاحتفاظ بالسلطة في غزة والقضاء على المجموعات الايرانية التي تعمل تحت تسميات مختلفة على رأسها ما يسمّى "الجهاد الاسلامي"... او ضبطها. من الواضح ان "حماس" اختارت. اختارت السلطة. من اجل البقاء في السلطة، يبدو انها على استعداد لكلّ شيء، بما في ذلك التنكر للمشروع الوطني الفلسطيني المتمثل في البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية.

لم يعد مهمّا رفع الحصار عن غزة. لم يعد مهما تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية. الاولوية للبقاء في السلطة وابقاء "حماس" في موقع المسيطر على القطاع بغض النظر عن المآسي التي يعاني منها اهله الذين باتوا مقيمين في سجن كبير. لعلّ اخطر ما في هذا التصرّف غير المسؤول انه لا يأخذ في الاعتبار ان الشعب الفلسطيني المقيم في غزّة بات يعيش في ظلّ اقتصاد ريعي بديلا من الاقتصاد المنتج. بات معظم الفلسطينيين في غزّة يعتمد على المساعدات الخارجية التي توزّع على الناس. معظم هذه المساعدات يهرّب عبر الانفاق التي تربط غزّة بسيناء.

في الماضي، كان هناك قسم كبير من الفلسطينيين يعمل بكدّ من اجل كسب لقمة العيش وتعليم اولاده في افضل المدارس والجامعات. ربّما كان النجاح الاهمّ الذي حققته "حماس" في غزة، بمباركة اسرائيلية طبعا، يتمثّل في تحويل الفلسطينيين الى شعب كسول لا يبالي بالبرامج التعليمية المعتمدة في القطاع.

ما تشهده غزّة هذه الايام يفرض مزيدا من التحديات امام السلطة الوطنية الفلسطينية. في طليعة هذه التحديات الابتعاد عن الصغائر والمناكفات واستيعاب خطورة المشروع الاسرائيلي الذي يراهن على خلق واقع جديد على الارض انطلاقا من غزّة. المؤسف ان "حماس" ارتضت ان تكون جزءا من هذا المشروع عندما كرّست وجود كيان فلسطيني مستقلّ لا علاقة له من قريب او بعيد بالضفة الغربية التي لم تعد ارضا طاردة لاهلها بفضل حكومة الدكتور سلام فيّاض اوّلا.

ما على المحكّ في هذه المرحلة وحدة الشعب الفلسطيني. هذه الوحدة لا يمكن ان تتحقق الاّ تحت عنوان كبير هو البرنامج السياسي لمنظمة التحرير. كل ما عدا ذلك، مناورات رخيصة تواطؤا مع اسرائيل ومشروعها الهادف الى الاحتفاظ بجزء من الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.

نعم لهدنة في غزة يدعمها الاخوان المسلمون في مصر. ولكن من اجل ان يكون لهذه الهدنة معنى، يبدو ضروريا اكثر من اي وقت اعتراف "حماس" ان مشروعها السلطوي لا يخدم سوى الاحتلال وان عليها امتلاك ما يكفي من الشجاعة للقيام بعملية نقد للذات. نقطة الانطلاق في هذه العملية الاعتراف انّ السيطرة على غزّة تخدم المشروع الاسرائيلي. ما الفارق بين الاحتلال الاسرائيلي للقطاع وتحوّله الى سجن كبير لاهله؟

 

2012-03-22
اطبع ارسل