التاريخ : السبت 04-05-2024

السفير دبور يلتقي وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم    |     السفير دبور يلتقى وفد من نقابة تجار ومستوردي المستلزمات الطبية والمخبرية في لبنان    |     السفير دبور وابو العردات يلتقيان قيادة حركة فتح في منطقة صيدا    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة صور    |     السفير دبور يستقبل قادة افواج الاطفاء الفلسطيني في لبنان    |     السفير دبور يكرم الفنانة التشكيلية هبه ياسين    |     الهلال الأحمر: لا توجد بيئة صالحة للحياة في قطاع غزة ونحذّر من انتشار كبير للأمراض المعدية    |     مقررة أممية: يجب معاقبة إسرائيل ومنع تصدير السلاح إليها    |     الأردن يدين اقتحام المستعمرين "للأقصى"    |     فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    |     رئيس بوليفيا يطالب باتخاذ إجراءات صارمة لوقف حرب الإبادة في قطاع غزة    |     "آكشن إيد" الدولية: غزة أصبحت مقبرة للنساء والفتيات بعد 200 يوم من الأزمة الانسانية بسبب العدوان    |     مع دخول العدوان يومه الـ202: شهداء وجرحى في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة    |     "فتح" تهنئ الجبهة الديمقراطية بنجاح مؤتمرها الثامن وبانتخاب فهد سليمان أمينا عاما    |     رئيس الوزراء ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار يستكملان إجراءات الاستلام والتسليم    |     "التعاون الإسلامي" ترحب باعتراف جمهورية جامايكا بدولة فلسطين    |     مصطفى يؤكد ضرورة عقد مؤتمر للمانحين لدعم الحكومة الفلسطينية    |     أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية أي اقتحام لرفح وتداعياته الخطيرة    |     الجامعة العربية تدعو مجلس الأمن لاتخاذ قرار تحت الفصل السابع يضمن امتثال إسرائيل لوقف إطلاق النار في    |     البرلمان العربي: قرار جامايكا الاعتراف بدولة فلسطين "خطوة في الإتجاه الصحيح"    |     ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34262 والاصابات إلى 77229 منذ بدء العدوان    |     الرئاسة ترحب بالتقرير الأممي الذي أكد إسرائيل لم تقدم أية أدلة تدعم مزاعمها حول "أونروا"    |     ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع "الأونروا" في غزة    |     جنوب إفريقيا تدعو إلى تحقيق عاجل في المقابر الجماعية بقطاع غزة
أخبار الرئاسة » الرئيس محمود عباس لـ «اللــواء»: كلّي ثقة أن دول العالم الحرّة ستوافق على طلبنا وستصوّت معنا للدولة
الرئيس محمود عباس لـ «اللــواء»: كلّي ثقة أن دول العالم الحرّة ستوافق على طلبنا وستصوّت معنا للدولة

 الرئيس محمود عباس لـ «اللــواء»: كلّي ثقة أن دول العالم الحرّة ستوافق على طلبنا وستصوّت معنا للدولة الفلسطينية

 

مواكبة اللحظات الدقيقة التي سبقت توجّه الرئيس الفلسطيني إلى «الأمم المتحدة» قبل ساعات من المواجهة أمام الخيار الصعب

مرتاح للأداء الفلسطيني في لبنان والدور الفعّال بتجنّب الغوص في التجاذبات اللبنانية

 

عمان28-11-2012

كتب هيثم زعيتر

قبل ساعات من اللحظة التاريخية من عمر القضية الفلسطينية، لإلقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس كلمة هامة في «الأمم المتحدة» مع طلب فلسطين للتصويت على قبولها دولةً – بصفة مراقب - غير كاملة العضوية في «الأمم المتحدة»، الخميس 29 تشرين الثاني الجاري، يحبس الفلسطينيون والعالم الأنفاس، ليس فقط لما ستؤول إليه نتيجة التصويت، بل لما سيعقب ذلك من تطورات بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية..

هذه اللحظة انتظرها الفلسطينيون وقدّموا من أجلها العرق والدماء، وقوافل من الشهداء والمقعدين والأسرى والمبعدين والمشتتين في أصقاع المعمورة، حتى يدخلوا التاريخ من بابه الواسع، ويسجلوا انتصاراً سياسياً ودبلوماسياً..

ودلالات هذه اللحظة أنها:

- تأتي للاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، وبالتالي فإنها تُصبح أراضي دولة محتلة من دولة أخرى، وليس أراضٍ متنازع عليها، كما يدّعي الاحتلال الإسرائيلي، ويعني ذلك أن الدولة الفلسطينية في اليوم التالي لن يكون واقعها كما ما قبل التصويت.

- يتزامن موعد التصويت مع «يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني»، الذي أقرّته الجمعية العامة لـ «الأمم المتحدة» في العام 1977، بعدما كان هذا اليوم يوماً يُؤرّخ تاريخ تقسيم فلسطين بموجب القرار 181 الصادر عن «الأمم المتحدة» بتاريخ 29 تشرين الثاني 1947.

وعلى الرغم من التهديدات التي يتعرّض لها الرئيس «أبو مازن»، ويصل بعضها إلى حد التهديد الشخصي لحياته، فإنه مُصر على المضي قدماً بطلب التصويت في «الأمم المتحدة» من أجل إقرار حقٍ لآخر شعبٍ ما يزال يرزح تحت الاحتلال وأبناؤه مشتتون.

«اللـواء» عاشت اللحظات التي سبقت سفر الرئيس «أبو مازن» إلى «الأمم المتحدة» أمس (الثلاثاء)، وذلك في في مقر إقامته في العاصمة الأردنية، عمان، حيث كان مُنكباً على وضع اللمسات الأخيرة على الكلمة، التي سيلقيها من على أعلى منبر دولي، لتكون الثالثة في غضون عامٍ وشهرين، وهو ضمّنها مجموعة من النقاط التي تعرض لواقع اللجوء الفلسطيني، وممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي على شتى الصعد والمجالات، ورفض المسؤولين الإسرائيليين تنفيذ المواثيق والمعاهدات والاتفاقات، والضرب بعرض الحائط بها، وغياب الشريك الإسرائيلي للسير قدماً بالمفاوضات، التي أعلن الرئيس الفلسطيني إنه على «استعداد لاستئنافها بعد الاعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية، لأن ذلك يعني الكثير»..

 

«أبو مازن» يرفض عروض المقايضة من مسؤولين دوليين عشية الإستحقاق..

تعهّد بعدم الدخول إلى «محكمة الجنايات الدولية» مقابل التصويت لصالح فلسطين

 

ليل طويل أمضاه الرئيس عباس امتد حتى صباح أمس، في وضع اللمسات الأخيرة على كلمته التي سيلقيها في «الأمم المتحدة»، وعلى الرغم من ذلك فقد بدأ صباحه أمس باكراً.

تلك لحظات مفصلية، جمعت في الصالون الرئيسي لدارة الرئيس «أبو مازن» في عمان: عضوا اللجنة التنفيذية لـ «منظمة التحرير الفلسطينية» ياسر عبد ربه والدكتور صائب عريقات، عضوا اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد ونبيل أبو ردينة، سفير فلسطين لدى المملكة الأردنية الهاشمية عطا الله خيري، مستشاري الرئيس «أبو مازن» «أبو نبيل» أبو الرب وأكرم هنية، مدير «الصندوق القومي الفلسطيني» الدكتور رمزي خوري، عضو «المجلس التشريعي الفلسطيني» والمكتب السياسي لـ «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» قيس عبد الكريم، مسؤول المراسم في الرئاسة الفلسطينية حسن حسين وكاتب هذه السطور.

يواصل الرئيس «أبو مازن» متابعة كافة التطورات والاتصالات التي أجراها شخصياً أو عبر إيفاده كبار القيادات الفلسطينية إلى دول العالم، لحثها على طلب التصويت لصالح عضوية الدولة الفلسطينية في «الأمم المتحدة»، بعدما تحركت الإدارة الأميركية و«اللوبي الصهيوني»، في محاولة للضغط على الدول لعدم التصويت لصالح فلسطين، أو عدم حضور جلسة الجمعية العمومية لـ «الأمم المتحدة» المخصصة للتصويت على الطلب الفلسطيني.

 

سيل من الاتصالات

تنهال الاتصالات من كل حدب وصوب، طالبة التحدث مع «شاغل العالم»، بعضها مؤيداً، وآخر ناصحاً بالتأجيل، وثالثاً حاثاً على التعديل في الطلب، وغيرهم كثر، كل له وجهته ونظرته ورأيه..

تكر سبحة المتصلين، وزراء خارجية: فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، وأخرون ومسؤولون على عدة مستويات، ويتمنون بعد أن ووجهوا باصراراً من الرئيس «أبو مازن» بالتوجه إلى «الأمم المتحدة» أن يتم التعديل بالطلب، بإلغاء موضوع الدخول إلى «محكمة الجنايات الدولية» التي تُرعب المسؤولين الإسرائيليين، لأن ذلك يعني أن كل إسرائيلي ارتكب جرائم ضد الفلسطينيين، بإمكان الفلسطينيين ملاحقته في أي دولة في العالم منضمة إلى المحكمة، التي تنضم إليها غالبية الدول الأعضاء في «الأمم المتحدة»، بإستثناء الولايات المتحدة الأميركية.

وقد مر مسؤولون إسرائيليون في مأزق مثل هذه الدعاوى التي رفعت في «محكمة الجنايات الدولية» ضد جرائم ارتكبوها، ورحلت تسيفي ليفني قبل وصول الشرطة البريطانية إلى المطار لتوقيفها، وحذر أكثر من مسؤول إسرائيلي من السفر للخارج.

ولكن الرئيس «أبو مازن» كان جوابه بالإصرار على تقديم طلب عضوية فلسطين كاملاً، وأن لا يحصل أي تغيير بشأنه، لأنه ستكر سبحة المطالب، ولهذا حسم الجدل في ذلك.

أتوجه بسؤال إلى الرئيس عن مستندات دعمه، فيجيب بكلام الواثق: «شعبي، وحقه بقيام دولته الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وانهاء الاحتلال، وتحقيق الإستقلال الكامل الناجز، وكلي ثقة أن دول العالم الحرة ستوافق على طلبنا وستصوّت معنا للدولة الفلسطينية».

تشعر في تلك اللحظة، أن القلق ليس موجوداً في قاموس الرئيس «أبو مازن»، وتكتشف مدى احتفاظه بكامل رباطة جأشه، والإطمئنان إلى سلامة قراره في أن هذا الشعب الأبيّ، الذي يُناضل بكل أشكال النضال، أطفالاً ونساءً وشيوخاً وشباباً، وفيه الشهادة أقل معطيات العطاء، أن شعب فلسطين يستحق أقل المعطيات، وحتى لو كلفت الشهادة في سبيل استرجاع الأرض والوطن والدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

 

مرتكزات الكلمة

يركز الرئيس الفلسطيني في كلمته، كما يقول المطلعون، على حقوق الشعب الفلسطيني، وذَكر فيها بالإعداد الكبيرة من القرارات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي الصادرة عن الجمعية العامة لـ «لأمم المتحدة»، وكذلك ما هو صادر عن «مجلس الأمن الدولي» وفي المقدمة من ذلك القرارات 181 و194 و242، فضلاً عما جاء في «اتفاق أوسلو» في العام 1993، واستناداً إلى القرار 181 الصادر عن «الأمم المتحدة» في مثل هذا اليوم من العام 1947، فإنه يدعو إلى إقامة الدولتين، ويُشير إلى أن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين التي احتلت في العام 1967.

ويتطلع الرئيس «أبو مازن» إلى «دول العالم أجمع، من أجل إنصاف الشعب الفلسطيني لإزالة الاحتلال عن كاهل آخر دولة في العالم أرضها ما زالت محتلة»، وهو الذي يؤمن بتحقيق السلام المتكافىء المستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وليس السلام الذي يتحدث عنه المحتل الإسرائيلي ويواصل قادته تهديد الفلسطينيين بالقتل، بل بممارسة الاعتداءات لإيقاع الشهداء والجرحى، وتجريف الحقول والممتلكات، وقضم الأراضي، وهدم البيوت، والزج بآلاف الشباب والنساء أسرى في سجون الاحتلال، أو إبعاد الفلسطينيين، وتقطيع أوصال الوطن.

ويعتبر الرئيس الفلسطيني «أن اللاجئين الفلسطينيين، هم ضيوف في أماكن انتشارهم، وأن حق العودة، فردي وجماعي ومقدس وفق القرار 194 ولا يُمكن لأحد التفريط به».

لعل في هذه اللحظات تجول في بال الرئيس الفلسطيني، كما القيادة الفلسطينية، والعديد من المسؤولين العرب والأجانب، الكثير من الأفكار، ولكن الرئيس «أبو مازن»، شريك الطلقة الأولى وكلمة الفصل بإعلان الكفاح المسلح بتاريخ 1/1/1965، مع الرئيس الشهيد ياسر عرفات والشهيد «أبو جهاد الوزير»، وغيرهم... يدرس اليوم كل خطوة من خطواته.. والطامح إلى دراسة الهندسة في شبابه يُهندس كل خطوة.. وبحكمه القانوني المتخصص في القانون الدولي، عمل على ضبط إيقاع الخطوات، بل يزن كل كلمة من كلماته بميزان «الجوهرجي»، لأن الآمال مُعلقة على تلك الجلسة الهامة في «الأمم المتحدة»، التي تكاد تكون مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، لهذا فإن الحمل ثقيل على الرئيس عباس، ولكن من انطلق كمشروع شهادة، لا يأبه للتهديدات الإسرائيلية، أو الضغوط الأميركية، حتى لو كانت تصل إلى حد التصفية الجسدية، طالما أن المصلحة الفلسطينية هي الأساس، وهو ما وضعه نصب عينيه.

الرئيس، المخضرم سياسياً، ابن السبع والسبعين عاماً، ما زال بهمّة الشباب، على الرغم من أن كاهله مُثقل بالهموم والملفات والقضايا، يوزع اهتماماته على أماكن التواجد الفلسطيني، لأنه لا أحد يدري من أين تهب العواصف على أبناء الشعب الفلسطيني.. في الضفة الغربية، حيث مقر الإقامة المؤقت في رام الله، وفي استمرار الحصار الإسرائيلي المُطبق عليها.. أم في القدس الشاهدة على توسيع المستوطنات الإسرائيلية وقضم الأراضي، ومصادرة الأماكن الدينية المقدسة، ومحاولات التهويد، واعتقال المقدسيين، وطرد العديد منهم تحت ذرائع واهية.. أم في غزة هاشم، التي أفشلت العدوان الإسرائيلي وحققت المقاومة فيها انتصاراً يُسجل بأحرف ناصعة البياض، على الرغم من أن اعادة اعمار أضرار العدوان الإسرائيلي السابق في العام 2008 لم يتم بعد.. أم في أماكن التواجد الفلسطيني، حيث يدفع الفلسطيني الضريبة، في سوريا، في الصراع بين الحكم والمعارضة.. أم في أماكن الانتشار الفلسطيني، بعدما ذاق الفلسطيني الويلات في العراق وليبيا وتونس، بعد نتائج «الربيع العربي».

وحده التواجد الفلسطيني في لبنان، الذي كان دائماً في «بوز المدفع»، يكاد يكون مريحاً ويطمئن الرئيس، وخير دليل على ذلك، أن الفلسطيني لم يعد له لا مشروع أمني أو عسكري أو سياسي في لبنان، بل لم يعد عامل توتير وإرهاق، حيث كان للفلسطينيين دور فعّال في تجنيب المخيمات الغوص في التجاذبات اللبنانية، بل أكثر من ذلك، اضطلعوا بدور فعال وهام في سحب فتائل تفجير العديد من القضايا والملفات اللبنانية – اللبنانية، آملاً من «المسؤولين اللبنانيين، تنفيذ ما تعهدوا به من اقرار حقوق العمل والتملك والحقوق المدنية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، فهم ضيوف مؤقتون إلى حين العودة».

 

متى تحط الطائرة على أرض دولة فلسطين؟

يؤدي الرئيس «أبو مازن» صلاة الظهر، ويودع من بقي من الحاضرين، وينطلق ليستقل «طائرة فلسطين»، التي طاف بها أرجاء المعمورة، شاكراً أو مقنعاً أو حاثاً على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومساندة فلسطين في «الأمم المتحدة»، وهو يتوق لأن تهبط به الطائرة في أرض الدولة الفلسطينية، ثمرة لجهود بُذلت من أجل اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية، وتوزعت محطاتها  بين رام الله وعمان وأرجاء المعمورة. ويُكاد الرئيس «أبو مازن» يُمضي الكثير من وقته طائراً في سرٍ مضنٍ، من أجل تحقيق الاعتراف بدولة فلسطين، ووفقاً لإحصاءات رسمية، فقد تفوّق في سفره على كل رؤساء العالم، انطلاقا من أن نجاح الدبلوماسية الفلسطينية، هو انتصار سياسي على الاحتلال الإسرائيلي، الذي امتاز دائماً بمعرفة اقتناص الفرص والضغط عبر «اللوبي الصهيوني» بالحصول على مصالح الكيان الإسرائيلي، أو تجميد القرارات التي تُصدر، مُدينة احتلاله وعدوانه، إن لم يتمكن من القضاء عليها في مهدها عبر سحبها، أو استخدام حق النقض الـ «فيتو» الأميركي الجاهز دائماً للدفاع عن المحتل الإسرائيلي، والذي فاق استخدامه 80 مرة لصالح  قرارات تدين المحتل الإسرائيلي.

وهذا الـ «فيتو» الأميركي الجاهز لصالح الكيان الإسرائيلي، رفض الرئيس «أبو مازن» تنفيذه فلسطينياً، حيث قال أكثر من مرة لا للـ «فيتو» أو الضغوطات الأميركية، بل نفذ قناعته، ومن الشواهد:

- عندما فازت حركة «حماس» بالانتخابات التشريعية في العام 2006.

- في التوقيع على ورقة «المصالحة الفلسطينية» في القاهرة عندما أوفد عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد ووقّع عليها في تشرين الأول 2009.

- في التوقيع على ورقة «المصالحة الفلسطينية» الشاملة في القاهرة في أيار 2011.

- في رفض العودة لاستئناف المفاوضات مع «إسرائيل» دون تجميد الاستيطان.

- بالتوجه إلى «الأمم المتحدة» في أيلول 2011 وتقدم بطلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين عبر «مجلس الأمن الدولي».

- في أيلول 2012 عندما تقدم بطلب عضوية فلسطين - دولة غير كاملة العضوية في «الأمم المتحدة».

- اليوم عندما يتوجه مجدداً لطلب التصويت على عضوية فلسطين في «الأمم المتحدة».

وفي المقابل، يأمل الرئيس عباس «أن ينفذ الرئيس الأميركي باراك أوباما وعوده، التي طرحها خلال خطابه الذي ألقاه في القاهرة في أيار 2009، وتحدث فيه عن رؤيته لحل الدولتين ووقف الإستيطان»، متمنيا «أن يقف الرئيس الأميركي في ولايته الثانية إلى جانب تحقيق السلام»، مبدياً «استعداد الجانب الفلسطيني العودة إلى طاولة المفاوضات فور الحصول على عضوية دولة بصفة مراقب في الجمعية العامة لـ «الأمم المتحدة» لتشجيع السلام في منطقة الشرق الأوسط قبل فوات الأوان، لأن هذه قد تكون الفرصة الأخيرة لتحقيق السلام والإستقرار، وعلى الجميع أن يعمل من أجل تحقيقه».

ومن أجل تحصين الواقع الفلسطيني، يؤكد الرئيس عباس «أن المصالحة الفلسطينية هي ضرورية وأساس، وأن حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» هما من مكونات الشعب الفلسطيني، كما باقي الفصائل، لهذا يجب أن تكونا ضمن «منظمة التحرير الفلسطينية» الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والعمل على تنفيذ تطوير وتفعيل دور المنظمة، تنفيذًاً لما جرى في القاهرة، وضروري العمل على استئناف الاجتماعات لتنفيذ آليات هذا التفعيل والتطوير، وذلك بإنهاء ما تبقى من أسباب تحول دون تنفيذ ما أُتفق عليه في المصالحة الفلسطينية وإعلان القاهرة والدوحة مع حركة حماس».

 

اطمئنان إلى سلامة القرار

إنها اللحظات التاريخية القاسية، بل أقساها على الإطلاق التي يواجهها إنسان في حياته، حيث الخيارات دقيقة وحساسة، بل أنها معدومة تماماً أمام الخيار الوحيد الواحد، الذي لا يُمكن أن يكون هناك غيره أو بديلاً عنه أو له، إزاء المسؤولية الأهم والمهمة في القضية التي إلتزمها قلباً وقالباً بالوفاء لتراب وطنه، ولحب شعبه، بكونه مواطناً إبن أرض سليبة، وبكونه رفيق النضال الطويل لرمز القضية الشهيد «أبو عمار» ورفاق الدرب الآخرين، الذين استشهد منهم من استشهد على الدرب، وبكونه المسؤول الأول الذي حمل شرف المسؤولية في الدفاع، بل استرجاع الحق السليب إلى أهله وأصحابه، حتى ولو كان بالثمن الأغلى في الحياة، وهو على قناعة وثقة بأنه ليس أغلى من دم أي شهيد صغيراً كان أم كبيراً، ومسؤولاً أو مواطناً عادياً، والشهادة هنا وفي هذا السبيل أرخص من أي ثمن على الإطلاق.

هي «الأمم المتحدة» الموعد فيها قريبٌ وقريب جداً، في مشهد يتكرر يوم وقف الرئيس الراحل ياسر عرفات من على منبر «الأمم المتحدة» في العام 1974 حاملاً غصن الزيتون الأخضر بيد والبندقية بيد أخرى، داعياً إلى عدم إسقاط غصن الزيتون.. وها هو رفيق الدرب المؤتمن على الثوابت الرئيس «أبو مازن» يُكرر الموقف ذاته، ويؤكد «التمسك بالسلام، الذي يضمن الحق والأمن والأمان للشعب الفلسطيني».

غداً عندما يقف الرئيس «أبو مازن» مستنداً إلى الحق الشرعي للشعب الفلسطيني بأن يكون له دولة، وعندما يُصفق له قادة العالم مُعترفاً بالدولة الفلسطينية، لنتخيّل مشاهد الفرحة العارمة على الوجوه الفلسطينية، في مقابل خيبة أمل ووجوم على وجوه المسؤولين الإسرائيليين، الذين سيجرون ذيول الخيبة، خصوصاً أن هذا الحق الفلسطيني بالإعتراف بالدولة، جاء بدعم من الأسرة الدولية، دون إنتظار التفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي أو نزولاً عند رغباته ومساعي ابتزازه.

ويعترف بالدولة الفلسطينة حالياً 133 دولة، حيث يتوقع الفلسطينيون أن يصوّت لصالح دخول الدولة الفلسطينية عضوية «الأمم المتحدة» أكثر من 130 دولة من أصل 193 دولة، علماً أن التصويت في «الأمم المتحدة» يحتاج إلى الأغلبية - نصف زائد واحد – من الحضور، وهو عدد مضمون بالنسبة للفلسطينيين، كما أن التصويت في الجمعية العامة لـ «لأمم المتحدة» لا يخضع لاستخدام حق النقض الـ «فيتو» من قبل الولايات المتحدة الأميركية، بل يصبح ساري المفعول، وذلك لا يعني أن طلب تقديم عضوية دولة فلسطين إلى «مجلس الأمن الدولي» التي تقدمت به فلسطيني في أيلول من العام الماضي، يُصبح لاغياً، بل يُمكن استخدامه وإعادة تحريك الملف وعرضه على التصويت في أي وقتٍ تجد فيه القيادة الفلسطينية أن الأصوات الـ 9 من بين 15 عضواً في «مجلس الأمن الدولي» يُمكن تأمينها، وهو ما حصل مع دولٍ عديدة، ومنها: اليابان والأردن.

في هذا الوقت، ما زال الفلسطينيون يشعرون بألم لأن الإدارة الأميركية تواصل دعمها الواضح إلى المسؤولين الإسرائيليين، والذي وصل ذروته من خلال أضخم موازنة دعم مالي وعسكري في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية لـ «إسرائيل» وإعتماد تسمية «دولة إسرائيل اليهودية»، وعلى الرغم من وقوف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد الرئيس أوباما في معركة الرئاسة، إلا أن الأخير يبدو أنه حتى الآن لن يزعج الإسرائيلي.

وكذلك بالتهديد الأميركي بإقفال مكتب ممثلية «منظمة التحرير الفلسطينية» في واشنطن، وليس فقط وقف المساعدات إلى «السلطة الوطنية الفلسطينية»، بل أيضاً إلى «الأمم المتحدة»، ومنها «الأونروا» التي تُعتبر أميركا الداعم الفردي الأكبر لها، وذلك على غرار ما جرى من تصرف أميركي رداً على قبول فلسطين في عضوية منظمة «اليونسكو» بتاريخ 31 تشرين الأول 2011، فاتخذت الولايات المتحدة قراراً بوقف دفع التزاماتها إلى «اليونسكو».

ولكن الفلسطيني الذي عانى ظروفاً صعبة في العديد من المراحل، فإنه إذا خيّر بين دفع المساعدات وكرامته، فإنه يختار كرامته وحريته، حتى لو عانت «السلطة الوطنية الفلسطينية» ظروفاً اقتصادية صعبة، ولم تتمكن من تأمين 700 مليون دولار أميركي هي بحاجة إليها شهرياً من مساعدات، لتسديد النفقات، بُدفع نصفها على رواتب ومخصصات حوالى 197 ألف موظف.

إنتصار فلسطيني وتخبط إسرائيلي

والنتائج المتوقعة للإنتصار السياسي الدبلوماسي الفلسطيني، تتزامن أيضاً مع إنتصار ميداني حققته المقاومة والشعب في غزة، بوحدةٍ فلسطينية تجلّت بأبهى صورها في مواجهة العدوان الإسرائيلي وإفشال أهدافه، ولهذا فإن الفصائل الفلسطينية بادرت سريعاً إلى الإعلان عن تأييد الرئيس «أبو مازن» في توجهه إلى «الأمم المتحدة» على اعتبار أن تحقيق أي مكسب، هو مكسب لكل الفلسطينيين.

في المقابل، فإن المجتمع الإسرائيلي يعيش حالة تخبط، كانت أولى ثمارها إستقالة وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك وتنحيه عن الحياة السياسية، وهذا يدل على أن ثمار الانتصار الفلسطيني في غزة، سترخي بظلالها على مسؤولي الكيان الإسرائيلي، بعدما ثبت أن المجتمع الفلسطيني واحد ويتوحد في الملمات، وتمكن من توجيه وإيصال صواريخٍ وصلت إلى أماكن جديدة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل «إسرائيل»، وهو ما يستوجب الإسراع بانجاز تحقيق الوحدة الداخلية الفلسطينية، مدعومة بحلف عربي ودعم دولي لمواجهة الغطرسة الإسرائيلية، حيث بدأنا نلمس خطاباً جديداً من بعض الأطراف الفلسطينية الشريكة في المصالحة، عبر دعم القيادة الفلسطينية بتوجهها، كثمرة لتوحد للانتصار الفلسطيني الدبلوماسي والميداني، لأن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان هدد الرئيس عباس إذا ما أصر على التوجه إلى «الأمم المتحدة»، وبحل السلطة الفلسطينية»، والمسؤولون الإسرائيليون يعتبرون «الخطوة الفلسطينية في «الأمم المتحدة» تُشكل هجوماً أشد وأخطر من الهجمات الصاروخية التي انطلقت من قطاع غزة».

وتبدي «إسرائيل» اهتماماً في أن تُدخل إلى القرار الفلسطيني بنوداً تقول صراحة أو بشكل مبطن أن الفلسطينيين لن يطلبوا قبوله كأعضاء في «محكمة الجنايات الدولية» في لاهاي لحث إجراءات قضائية ضد جهات إسرائيلية، وكبديل كانت «إسرائيل» ترغب في أن ترى في القرار بنداً يشدد على أن هذا قرار رمزي فقط، وليس فيه ما يعطي سيادة للفلسطينيين على الضفة الغربية، قطاع غزة وشرقي القدس.

كما أن «إسرائيل» معنية بأن يتضمن القرار التزاما فلسطينياً باستئناف المفاوضات المباشرة مع «إسرائيل» دون شروط مسبقة.

لقد بات ثابتاً ومؤكداً أن لا سلام في الشرق الأوسط بدون إقرار الحقوق الفلسطينية، وأن فلسطين هي مفتاح السلام أو الحرب في المنطقة بأسرها.

 

 

2012-11-28
اطبع ارسل