بيروقراطية قاتلة فلتلغى عقوبة الموت
المصدر: يديعوت احرونوت- رافي فيلدن"بروفيسور جراح، عضو ادارة جمعية اطباء لحقوق الانسان":20-1-2011
(المضمون: منع الدخول لاسرائيل او لمجرد المرور عبرها الى الضفة الغربية، ساهم في موت عشرات المرضى بأمراض مستعصية في غزة. آخرون بقوا "فقط" ذوي عجز دائم).
معظم دول العالم المتنورة ألغت عقوبة الموت، بصفتها وحشية وغير انسانية. اسرائيل لا تنتمي الى هذه العصبة المحترمة. في الصين أو في ايران يوجد على الاقل ادعاء بالتظاهر بلائحة اتهام ومحاكمة، أما عندنا فالحكم يتخذ بسرية تامة، من قبل موظفين ورجال أمن مجهولين.
"ص" هو طالب ابن عشرين من غزة، كان يعاني من مرض كبدي عسير ليس له أي حل في القطاع. في 13/12/2010، رفع طلب الى سلطات الامن للسماح له بالوصول لتلقي علاج حيوي في مستشفى المقاصد. وفي الرد طلب اليه أن يمتثل لتحقيق جهاز الامن العام – المخابرات في 30/12/2010. في هذه الاثناء تفاقمت حالته، وقد ادخل المستشفى وفقد وعيه. تقرير عن ذلك مرفق بالوثائق الطبية نقل الى السلطات. توجه هاتفي وصل الى أبيه طلب من "ص" الامتثال الى ذات التحقيق في 29/12/2010.
"ص" توفي 1/1/2011، دون ان يصل رد على طلبه.
حالة اخرى كنت مشاركا فيها كانت لشاب ابن 17 مع ورم في الدماغ، انتظر لاشهر تصريح المرور لتلقي العلاج في اسرائيل، وبعد يوم من وفاته وصلت البشرى بان التصريح صدر.
وللمعرفة: في مجالات طبية حرجة لا يوجد في قطاع غزة أي حل، وتعلقهم بالمستشفيات في اسرائيل او في الضفة مطلق. في مكاتب جمعية "اطباء لحقوق الانسان" توجد معطيات عن عشرات المرضى بامراض عسيرة، منع دخولهم الى اسرائيل، او مجرد منع المرور بها الى مستشفيات الضفة، ساهم في وفاتهم. في بعض الحالات يتأخر الرد الى ما لا نهاية، الى أن يكون الاوان قد فات. البيروقراطية ايضا من شأنها ان تكون قاتلة.
ولكن ليس دوما يكون القرار بهذه الوحشية. احيانا الحكم هو فقط بقطع الاطراف. كنت مشاركا شخصيا في محاولات النقل الى اسرائيل لثلاثة شبان غزيين، اطلقت النار على أرجلهم من قبل نشطاء حماس. الاطباء المحليون استجدوا بيأس ان نستقبلهم، وذلك لانهم غير قادرين على معالجتهم. وكان الجواب الهاذي انهم ممنوعون من الدخول بصفتهم خطرا أمنيا. أرجل كل الثلاثة قطعت.
ليس لهؤلاء المحكومين بالموت أو بالعجز أي فرصة لان يعرضوا ضائقتهم على جهة مهنية مخولة بتقدير وضعهم ولا توجد هيئة استئناف. اصحاب القرار المجهولون لا يقفون ايضا امام أي رقابة جماهيرية. وأنا أعجب لما يمر في قلوبهم، عندما يتخذون قراراتهم. هل هم يهتمون على الاطلاق في أنه في اعقابها مات موجه الطلب او بات عاجزا عجزا شديدا لباقي حياته؟
تجري هنا عملية نزع انسانية مخيفة لكل من ينتمي لمعسكر الخصم، حتى وان كان ظاهرا يدور الحديث عن شخص بريء. يخيل لي انه يوجد في ذلك ايضا فقدان لنزعتنا الانسانية.