يترددان
المصدر: هآرتس - الوف بن
1-4-2011
المضمون: رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس الولايات المتحدة اوباما كلاهما يترددان في مسألة المبادرة السياسية. الاول تحت الضغوط الداخلية من اليمين والاخر تحت ضغط اعادة انتخابه في بلاده.
بعد سبعة اسابيع سيقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الى منصة الخطابة في تلة الكابيتول لالقاء خطابه السياسي "بار ايلان 2"، امام اجتماع مشترك للمجلسين الامريكيين. هذه هي الساحة المنزلية لنتنياهو. هنا يحبونه، او يخافون من اللوبي الذي يؤيده. رئيس الوزراء سيتحدث الى السناتوريين واعضاء الكونغرس، ولكن اقواله ستوجه الى مستمع لا يجلس في القاعة بل في البيت الابيض على مسافة 3كم من سفح التلة. نتنياهو يريد أن يري براك اوباما بان الكونغرس خلفه، ويردع الرئيس من فرض تسوية تطرد اسرائيل من الضفة الغربية والمستوطنين من منازلهم.
بعد شهر من زيارة نتنياهو الى واشنطن، كفيل اوباما بان يأتي الى القدس للمشاركة في مؤتمر "الغد" برئاسة الرئيس شمعون بيرس. اوباما هو الاخر سيلقي خطابا، في المؤتمر أو في مقر الكنيست، واقواله عن المسيرة السياسية ستوجه الى نتنياهو. "خطاب القدس" سيوضح الى أن سيصل اوباما كي يقيم دولة فلسطينية، وينهي الاحتلال في المناطق ويصفي المستوطنات التي في نظره "غير شرعية".
الان يتردد الزعيمان في مسألة ماذا سيقولان: رسالة حازمة وقاطعة أم الثرثرة العادية عن "العلاقات الخاصة وغير القابلة للانكسار" بين أمريكا واسرائيل. خطة عمل سياسية أم عناق أحبة يساعد اوباما في بداية الحملة لاعادة انتخابه، ونتنياهو ضد الضغوط الداخلية.
موازين القوى ليست متساوية، بالطبع. نتنياهو يخاف اوباما غير المتوقع، الذي ركل حسني مبارك ويقصف معمر القذافي. في القيادة السياسية في القدس يرون الرئيس كجهة معادية، لولا اضطراراته السياسية لانضم الى حركة "بي دي أس" (المقاطعة، وقف الاستثمارات والعقوبات) ضد اسرائيل. ثمة غير قليل من الادلة المؤيدة لهذا الرأي. مثلا، الشرح الذي قدمته الادارة على استخدام الفيتو ضد شجب المستوطنات في الامم المتحدة، وبموجبه وافقت على مبدأ الشجب وتحفظت فقط على الاجراءات. أو قصة "الايكونومست" التي جاء فيها ان اوباما طلب من رئيس وزراء بريطانيا دافيد كمرون وزعماء آخرين ابداء تصلب تجاه اسرائيل (البيت الابيض نفى). واقوال اوباما لزعماء يهود امريكيين، قبل نحو اسبوعين ان محمود عباس جدي اما نتنياهو فلا. وقد اقتبست ذلك هذا الاسبوع "واشنطن بوست".
ترقب المستقبل
ما العمل؟ نتنياهو يمرر الوقت في حملة "ايران هي ليبيا"، التي تدعو الغرب لتهديد ايران بهجوم عسكري اذا واصلت برنامجها النووي. ليس لهذه الرسالة حاليا من يشتري. ربما تستخدم في المستقبل كمبرر لعملية اسرائيلية ("عرضنا عليكم الهجوم فرفضتم، وعليه فلم يكن أمامنا مفر"). ولكن ايران، مع كل أهميتها، تضغط اقل من المشكلة الفلسطينية.
نتنياهو ينظر الى الامام، الى ايلول، الشهر الذي سيتوجه فيه الفلسطينيون الى الامم المتحدة بطلب للاعتراف بدولتهم المستقلة. الادارة الامريكية وعدت اسرائيل، حسب مصدر سياسي كبير، بان يحبطوا قرارا بالاعتراف في مجلس الامن. الملف سينتقل بعدها الى الجمعة العمومية، التي يمكنها أن تتخذ (حسب اجراءات من عهد حرب كوريا) "قرارا ذا أسنان"، يعترف بفلسطين ويتعاطى مع كل نشاط اسرائيلي في اراضي السلطة الفلسطينية كخرق للقانون، يعاقب بالعقوبات وبخطوات اخرى من مجلس الامن.
الان، يتردد نتنياهو في مسألة أي رسالة يعرضها كي يحبط تهديد التدويل والتسوية المفروضة. وزير الدفاع ايهود باراك يقترح عليه ضمان انسحاب اسرائيلي على مراحل من الضفة، اخلاء متدرج للمستوطنات خلف الجدار، وتقسيم القدس. اذا رفض الفلسطينيون الاقتراح، كعادتهم، فتختار اسرائيل انسحابا احادي الجانب وتنطوي داخل حدود الجدار. هكذا ستظهر اسرائيل محقة وتسمح لامريكا بدعمها. باراك يخشى ان يكون قول "لا" لاوباما يضعضع الدعم الامريكي لاسرائيل ويؤدي الى مصيبة سياسية، ان لم يكن مقاطعة دولية.
حيال باراك يقف خصمه، النائب الاول لرئيس الوزراء موشيه بوغي يعلون الذي زار واشنطن الاسبوع الماضي. ويعتقد يعلون بانه محظور على اسرائيل أن تقترح مرة اخرى انسحابات وتنازلات، وان عليها أن تقترح مسارا مختلفا عن الكليشيه الفاشل "الارض مقابل السلام". وحسب نهجه، فان على نتنياهو ان يعرض في خطابه مطالب اسرائيل، بدلا من ارضاء الفلسطينيين. وماذا يطالب يعلون؟ قبل كل شيء، القول ان المسيرة ستؤدي الى اعتراف باسرائيل كدولة يهودية. بعد ذلك الالتزام بانهاء النزاع وانتهاء المطالب، وتحديد ترتيبات امنية. وفقط بعد أن تلبى هذه المطالب، هناك معنى للحديث عن الاراضي الاقليمية. وحسب نهجه، على اسرائيل ان تصر على موقفها، بدلا من اظهار الضعف في محاولات لا نفع فيها لارضاء العالم بالانسحابات.
فوضى
نتنياهو يتردد. بافعاله يميل الى موقف بوغي، ولكن في خطاباته الاخيرة عرض نهجا متوسطا، ابرز اهمية السيطرة في غور الاردن. هذا قلب الموضوع من ناحيته. منع "قاعدة ارهاب ايرانية" في الضفة. ولكنه لا ينجح في تسويق هذه الرسالة في أي مكان ليس "فوكس نيوز". تهديداته بان اسرائيل ستتخذ "خطوات احادية الجانب" من جهتها ردا على اعلان دولة فلسطينية بقيت غامضة، وفي هذه الاثناء لا تردع أحدا.
اوباما هو الاخر يتردد كيف سيتصرف في رحلته الى القدس: هل يأتي في رحلة حملة انتخابية توازن زيارة خصومه الجمهوريين هنا، أم يعرض خطة سلام. مؤيدوه من اليسار، مثل منظمة "جي. ستريت" يدعونه الى ان يعرض مسارا للتسوية. خسارة بالنسبة لهم ان تضيع رحلته الى اسرائيل على تصريحات حب فارغة من المحتوى. شخصيات أكثر مركزية في الحزب الديمقراطي، مثل رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري، يعتقدون بان الزمن ليس ناضجا لمبادرة سلام رئاسية.
لقد زار كيري القدس الاسبوع الماضي، التقى نتنياهو وحذر من ان الضغط الدولي يتصاعد. واقترح أن تقوم اسرائيل ببادرة طيبة تجاه الفلسطينيين، نقل اراض اخرى الى مسؤوليتهم – لمنع الاعلان عن دولة من طرف واحد.
الترددات ستستمر حتى الصيف، اذا لم تقطع بتصعيد أمني غير متوقع. نتنياهو وقادة حماس نجحوا في تهدئة اشتعال الاسبوعين الاخيرين. فقد أوضحت اسرائيل بانها تريد حماس قوية ومسؤولة، يمكنها أن تكبح جماح مطلقي الصواريخ من الجهاد الاسلامي. وبدلا من الدعوة الى اسقاط حماس، يريدون أن تخلق إمرتها في غزة وتمنع "الفوضى" (على حد قول قائد المنطقة الجنوبية، تل روسو).
يروي نتنياهو بان الهدوء تحقق بفضل تهديداته برد قوي، مما ردع حماس. ولكن في الواقع تتبنى اسرائيل في غزة "عقيدة نصرالله" المتبعة في الشمال. فهي تفضل جارا معادية وقويا، يسيطر على الارض، على ميليشيات وعصابات تفعل كل ما يروق لها دون أن تتحمل المسؤولية.
الهدوء الذي عاد يسمح لنتنياهو واوباما بالاستعداد لنزال الخطابات، الذي سيجري في جولتين، في تلة الكابيتول وفي القدس.