التاريخ : الثلاثاء 07-05-2024

السفير دبور يستقبل رئيس بلدية صيدا    |     السفير دبور يلتقي السفير الكوبي في لبنان    |     "أوتشا": مخزون المساعدات بغزة لا يكفي لأكثر من يوم واحد    |     الأردن يدين احتلال إسرائيل للجانب الفلسطيني من معبر رفح    |     اليونيسف تحذر من "مجاعة" حال إغلاق معبر رفح مدة طويلة    |     نادي الأسير: الاحتلال يرتكب جريمة بحق الطفل جود حميدات    |     "جنوب أفريقيا": الهجوم على رفح سيدمر آخر ملجأ للناجين في قطاع غزة    |     الصين تدعو إسرائيل إلى وقف الهجوم على رفح    |     بوريل: لا مكان آمن في قطاع غزة ونحن على مشارف أزمة إنسانية كبرى    |     الاحتلال يمنع الأمم المتحدة من دخول معبر رفح    |     أبو ردينة: احتلال معبر رفح يدفع بالأمور نحو حافة الهاوية وتتحمل الإدارة الأميركية تداعيات ذلك    |     مدير المستشفى الكويتي: محافظة رفح تمر بكارثة صحية كبيرة    |     مصر تدين الهجوم الإسرائيلي على رفح والسيطرة على المعبر    |     الأمم المتحدة تحذر: مخزوننا من الوقود يكفي ليوم واحد فقط في غزة    |     السفير دبور يلتقي وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم    |     السفير دبور يلتقى وفد من نقابة تجار ومستوردي المستلزمات الطبية والمخبرية في لبنان    |     السفير دبور وابو العردات يلتقيان قيادة حركة فتح في منطقة صيدا    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة صور    |     السفير دبور يستقبل قادة افواج الاطفاء الفلسطيني في لبنان    |     السفير دبور يكرم الفنانة التشكيلية هبه ياسين    |     الهلال الأحمر: لا توجد بيئة صالحة للحياة في قطاع غزة ونحذّر من انتشار كبير للأمراض المعدية    |     مقررة أممية: يجب معاقبة إسرائيل ومنع تصدير السلاح إليها    |     الأردن يدين اقتحام المستعمرين "للأقصى"    |     فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن
أراء » مطر هطل بعيدا عن يافا
مطر هطل بعيدا عن يافا

مطر هطل بعيدا عن يافا

الحياة الجديدة- حافظ البرغوثي

رحل اليافاوي عرفات المطري الذي لقب نفسه مبكرا غسان مطر، ولهذا اللقب قصة كما رواها لي في إحدى أمسيات القاهرة، كان عرفات فتى في السادسة عشرة من عمره عندما اعتقل اول مرة في مخيم البداوي لقيامه بأنشطة وطنية ناصرية ثم واصل مشواره في الحياة وعمل مصححا في صحيفة، وعندما أعلن التلفزيون اللبناني عن حاجته لمذيعين تقدم للاختبار ولأنه اكتسب مهارة في اللغة ونطق الحروف وتميز بصوت جهوري فقد لفت نظر لجنة الاختبار واختاروه، وعندما سئل عن اسمه احتار بداية ثم اختار غسان مطر فهو اسم يستخدمه كل أبناء الطوائف في لبنان فلا يمكن أن تعرفه طائفيا إن كان سنيا او درزيا او شيعيا او مارونيا. وهكذا صار لقبه أهم من اسمه ونجح في تقديم نشرات الأخبار حتى انه سرب الى احدى النشرات بيانا اوليا صادرا عن حركة فتح قوات العاصفة, فقد وصله البيان الذي بثته رويتر من أحد معارفه وخلطه مع بقية الاخبار ولما قرأه قامت القيامة وأجري تحقيق فدافع عن نفسه ان البيان كان ضمن الأخبار التي وصلته فهو ليس محررا ولم تستطع ادارة التلفزيون معاقبته لأن مخيمات لبنان اشتعلت فرحا بالبيان. وبرع لاحقا في نقل حفلات ومهرجانات خارج الاستوديو لكن ذلك سبب له مشكلة عندما رفض قطع البث عن حفل غنى فيه عبد الحليم حافظ أغنية فدائي. واتاح له ذلك الدخول الى عالم السينما حيث شارك في فيلمين عن الثورة الفلسطينية في بداياتها وانخرط في العمل النضالي.
مأساته حدثت بعد الغزو عام 1982 حيث صارت قوات الكتائب تبحث عنه وتداهم منزله مع ان زوجته مارونية وابنه الشاب غيفارا احد مناضلي الثورة آنذاك, وبعد فترة من التخفي من بيت الى بيت وصولا الى منطقة الحمرا قام راهب ماروني بتدبير جواز سفر مزور له وألبسه ثوب كاهن وركب الطائرة المتجهة الى القاهرة, ولما حلقت الطائرة دخل الراهب غسان الى دورة المياه وخلع ثوب الراهب فدهش الركاب من هذا التحول، وكان هناك من رتب دخوله مصر وينتظره في المطار, وبعد ذلك بفترة داهمت قوات الكتائب منزله وقتلت زوجته وابنه.
عاش في القاهرة فنانا مسرحيا وممثلا، ونظرا لصوته الجهوري ظل دوره يدور حول دور الشرير مع ان شخصيته مرحة وصار رئيسا لاتحاد الفنانين الفلسطينيين ونائبا لرئيس اتحاد الفنانين العرب وعضوا في المجلس المركزي للمنظمة، اعتدت لقاءه في كل رحلة للقاهرة وذات مرة اصطحبت معي صحفيا مصريا ليروي له حكايته، كنت اسأل والصحفي يسجل لمدة ساعة وطلبت من الصحفي مواصلة الحوار في الأيام التالية وبعد كتابتها ارسلها الي وأعدت كتابتها وارسلتها للصحفي الذي رتبت له نشرها في مجلة خليجية. وقال غسان بعدها لقد انصفتني بهذه المقابلة الشاملة. وكان يدعوني بين المرة والأخرى الى المسرح حيث ظل لمدة 25 سنة يمثل في مسرحيات سميرغانم في دور الشرير ايضا. وفي مطلع الثورة المصرية اتصلت لأطمئن عليه فقال ان وضعه تمام وتوجهت الى القاهرة في نيسان 2011 ايام حكم المجلس العسكري برفقة الرئيس ابو مازن, فاتصلت به فإذ به يرد بصوت ضعيف وقال انه في المستشفى يجري فحوصات للقلب وحذرني من مغبة التحرك خارج المنطقة التي كنا فيها لأن البلطجية في كل مكان حتى ان الطبيب الذي يعالجه تم السطو على سيارته ومحفظته وهو متجه الى المستشفى، وابلغت الرئيس عن وضعه الصحي فطلب مني الاتصال به ففعلت, فاطمأن على صحته وأعطى تعليمات بالتكفل بعلاجه.
في شهر آب الماضي فوجئت باتصال منه يطمئن علي فقلت له الواجب ان أبادر أنا بالاتصال ووعدته بزيارة لاحقة، وفي أواخر ايلول كنت في القاهرة وجاء الى مقهى الفندق المطل على النيل حيث كنت مع الزميل فؤاد ابوحجلة وامضينا سهرة نيلية نتحدث في الفن والسياسة والكوميديا, فقال انه لن يفك عمله مع سميرغانم, قلت ولكن سمير قارب الثمانين فقال انه نشيط كشاب لا يمل من العمل وهو صديق صدوق وروى الكثير من المواقف الطريفة وضحكنا كثيرا وكان بين فترة وفترة يقف ليلتقط معجبون صورة معه ونعود للضحك. كانت آخر ضحكاتنا معه. رحمه الله فنانا ومناضلا منذ صغره وألهم ذويه الصبر والسلوان.

2015-03-02
اطبع ارسل