التاريخ : الثلاثاء 14-05-2024

السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة البقاع    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة بيروت    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة الشمال    |     الرئيس يهنئ أمير الكويت بتشكيل الحكومة الجديدة    |     "فتح" تنعى عضو المكتب السياسيّ للجبهة الديمقراطيّة القائد الوطني طلال أبو ظريفة    |     الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم ما يهدد بكارثة إنسانية    |     شهداء وجرحى في تجدد غارات الاحتلال على جباليا شمال قطاع غزة    |     "الأونروا": 360 ألف نازح من رفح خلال الأسبوع الماضي    |     أبو الغيط والمسلم: القضية الفلسطينية حاضرة بقوة على أجندة أعمال القمة العربية بالبحرين    |     رئيس الوزراء يشكر في اتصال هاتفي القائمين على مبادرة "سند" لجمع 2 مليار دولار لإغاثة أهلنا في غزة    |     رفح.. شوارع وأسواق مقفرة و"خوف" من المجهول    |     مع دخول العدوان يومه الـ216: عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غز    |     "الأونروا": الاحتلال هجرّ قسريا نحو 80 ألف فلسطيني من رفح خلال ثلاثة أيام    |     ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على قطاع غزة إلى 34904 شهداء وأكثر من 78514 مصابا    |     أبو هولي: لا بديل عن الدور الحيوي للأونروا في دعمها وإغاثتها للاجئين    |     الجمعية العامة تصوت غدا على مشروع قرار بشأن أحقية دولة فلسطين بالعضوية الكاملة    |     ثمانية شهداء في قصف الاحتلال المتواصل على غزة ورفح    |     السفير دبور يستقبل رئيس بلدية صيدا    |     السفير دبور يلتقي السفير الكوبي في لبنان    |     "أوتشا": مخزون المساعدات بغزة لا يكفي لأكثر من يوم واحد    |     الأردن يدين احتلال إسرائيل للجانب الفلسطيني من معبر رفح    |     اليونيسف تحذر من "مجاعة" حال إغلاق معبر رفح مدة طويلة    |     نادي الأسير: الاحتلال يرتكب جريمة بحق الطفل جود حميدات    |     "جنوب أفريقيا": الهجوم على رفح سيدمر آخر ملجأ للناجين في قطاع غزة
أراء » إعلان الخلافة وفوضى الجهاد
إعلان الخلافة وفوضى الجهاد

إعلان الخلافة وفوضى الجهاد

ب: أحمد مسمح

وكالة معاً

منذ أن وطئت أقدامُ الاحتلال الأمريكي أرضَ العراق انبرت العديدُ من الجماعات الإسلامية لمقارعة المحتل الغاشم الذي احتل الأرضَ وقتل الرجال وانتهك الأعراض وسلب مقدرات العراق، وكان من هذه الجماعات الإسلامية مَنْ تشدد في الجهاد والقتال ضد الأعداء المحتلين وضد الشيعة في تفجير مراقدهم الشيعية وذبح الأمريكان في الرقاب أمام شاشات التلفزة، وظهرت العديد من أسماء الجماعات مثل: الجيش الإسلامي وكتائب ثورة العشرين وتنظيم القاعدة وجماعة الزرقاوي والتي دخلت بعضُها في مواجهة مع الشيعة نظراً لتلاقي مصالحهم مع مصالح الاحتلال وتقديم الإعانة لهم وفضلاً عن تواجد الشيعة في العراق تاريخياً ودينياً...

ولقّنت الجماعاتُ الجهادية المحتلَ الغاشمَ دروساً جليلة وحاربته وأوقعت فيه المئات من القتلى والجرحى والعديد من الخسائر الفادحة عسكرياً وسياسياً، واختلطت الأوراق في الساحة العراقية لنظراً لتعارض مصالح الدول الإقليمية التي تدعم كل منها أحدَ الأطراف، ونظراً لتواجد الطوائف المختلفة هناك من سُنة وشيعة وبشمرقة وتركمان وأكراد وغيرها..

وكان استشهاد أسامة بن لادن –رحمه الله- منعطفاً هاماً وخطيراً في تاريخ تنظيم القاعدة، حيث آلت القيادة إلى الدكتور أيمن الظواهري، حيث كانت حكمة بن لادن وحنكته وسماحته الأمر الذي من أجله أحبه العدو والصديق، حيث كان وفياً مع الجميع، ولم يهاجم في خطاباته أية تنظيمات إسلامية عاملة..

وكان استشهاد أبو مصعب الزرقاوي –رحمه الله- حدثاً هاماً في تاريخ جماعته وفي تاريخ الجهاد في العراق حيث انتهى التشدد في الجهاد ضد الأعداء، وظل الأمرُ على هذه الوتيرة حتى ظهر تنظيمٌ جديدٌ على الساحة العراقية ألا وهو "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام"، أو ما عُرف في الآونة الأخيرة إعلامياً باسم (داعش).

ولما غادر الاحتلالُ الأمريكي أرضَ العراق في أواخر عام 2011م، مع فوز باراك أوباما برئاسة الولايات المتحدة، ترك خلفه أذنابه الذي ينفذّون سياسته، فكان رئيس وزراء العراق نوري المالكي الطائفي الشيعي الذي كان ظالماً في حكمه واضطهاده لأهل السنة لما له من ميول شيعية، فثار الشعبُ السني العراقي ضده، فقامت عشائر أهل السنة في المحافظات ضده مطالبين بعزله عن كرسي الحكم، وطردت تلك العشائرُ الجيشَ العراقي من المحافظات وسيطرت على العديد منها، فاستغل "تنظيم الدولة" هذه الظروف وركب موجةَ الثورة وسيطر أنصارُ التنظيم على بعض المحافظات والمواقع..

كان الأمرُ هيناً لو وصل إلى هذا الحد، لكنه وفي خطوةٍ فردية ودون مشورة من أحد، قام بخطوةٍ خطيرة لم تُعهد في تاريخ الجماعات الإسلامية فقام بإعلان إقامة الخلافة الإسلامية وتنصيب خليفة للمسلمين وطالب المسلمين بتقديم البيعة له وظهر أبو بكر البغدادي –الخليفة المزعوم- في خطبة الجمعة في الموصل يعلن نفسه خليفة للمسلمين ويطالب المسلمين بطاعته..

ولم يتجرأ تنظيمُ القاعدة يوم أن كان أسامة بن لادن –رحمه الله- زعيماً له على إعلان الخلافة لما كان يدركه ابن لادن من خطورة هذه الخطوة على الجماعات الإسلامية وعلى الدول التي يوجد فيها تنظيمه؛ بل على مستقبل الإسلام بأكمله، فضلاً عن عدم صحة هذه الخطوة شرعاً، فكان الشيخ أسامة –رحمه الله- يدرك بحنكته وذكائه الأبعادَ الخطيرةَ لهذه الخطوة والمفاسدَ المترتبة عليها والتي تفوق أضعافَ مكتسباتها...

لهذا السبب وغيره انبرى علماءُ تنظيم القاعدة ومنظرو الفكر السلفي الجهادي على مستوى العالم الإسلامي في انتقاد خطوة إعلان الخلافة واعتبارها باطلة غير معتبرة شرعاً ولا يترتب عليها أي أثر، حيث اعتبروا "تنظيم الدولة" خوراج غلاة تكفيريين، لا تصح خلافتهم ولا يجوز تقديم فروض الطاعة والولاء لخليفة الخوارج، حيث إن هذه الجماعة تكفّر المسلمين وتسفك الدماءَ وتنتهك الأعراض وتسبي النساء بحجة وجود خلافة للمسلمين..

وقد تجلّت هذه الآراء بشكلٍ واضح على موقعي (منبر التوحيد والجهاد) لأبي محمد المقدسي و(أبي بصير الطرطوسي)، الذين يعتبرا أكبر المنظرين للفكر السلفي الجهادي بشكلٍ عام وتنظيم القاعدة بشكل خاص، حيث لم يأخذهم الحماسُ الجارف والتعطش الكبير لرؤية المنقذ والمخلّص للمسلمين المتمثل في الخليفة لتأييد هذه الخطورة الهوجاء..

والعجيب أن حزبَ التحرير الذي صدّع رؤوسنا بالخلافة طيلة سنواتٍ خلت، لم يعترف بالخليفة ولم يعره أي اهتمام ولم يقدم البيعةَ الشرعيةَ له، حيث اعتبره باطلاً شرعاً لعدم توفر الشروط الشرعية في الخليفة، كما جاء في بيانه من السودان..

وقد حذّر الاتحادُ العالمي لعلماء المسلمين أيضاً من هذه الخطوة وقام بتفنيدها من الناحية الشرعية وبيّن بطلان هذا الإعلان، حيث استغل "تنظيمُ الدولة" هذا الإعلان بمطالبة المسلمين بطاعة الخليفة وتخيير المسيحيين بالدخول في الإسلام أو دفع الجزية أو القتل، حيث هرب المسيحيون من بلداتهم في شمال العراق وتم تفجير المراقد الشيعية ومقابر الأنبياء والأولياء، فضلاً عن الاستيلاء على النفط والمدن العراقية والمطارات وغيرها..

واعتبر "تنظيم الدولة" أن حدود "خلافته" لا تنتهي عند حدود العراق بل تمتد إلى الشام مما جعله يصطدم بجيش النصرة ويرتكب المجازر ويذبح مسئولي جيش النصرة، في حالةٍ لم تشهدها الجماعات الإسلامية من غلو وتطرف وتكفير وذبح للرجال المجاهدين.. بل وطلب الظواهري من جيش النصرة بعدم مقاتلة "الدواعش" ولم يعطهم حقَّ الدفاع عن النفس والمقرات التابعة لهم وقدّم رؤوس المجاهدين على طبق من فضة للغلاة الخوارج.

وها كله يتنافي مع رسالة الإسلام التي هي رسالة رحمة وتسامح وتعايش وليس احتلال وقتل وذبح وتهجير وتشريد، مما جعل المحللين يرجّحون أن "تنظيم الدولة" من صناعة دول الاستعمار ومخابرات دول عربية وإقليمية للأهداف التالية:

- تشويه صورة الإسلام والجهاد في العالم الإسلامي.

- تحقيق أهداف بعض الدول في العراق وسوريا.

- يكون التنظيم سيفاً مسلطاً لحركات الإسلام السياسي.

- استنزاف الشباب المسلم المجاهد.

- لتعطيل حركة الثورة على الظلم والأنظمة الحاكمة الظالمة.

- .....وغيرها

حيث يسيح "تنظيم الدولة" في العراق هذه الأيام ليفتح النار ويقاتل الأصناف العراقية بشتى أنواعها: أهل السنة والشيعة والأكراد والبشمرقة والتركمان والنصارى، تهجيراً وقتلاً وسبياً وتشريداً وسلباً ونهباً لمقدرات العراق، حيث تعلو مكبرات الصوت في المساجد بالطلب من السكان بتسليم الفتيات لقوات تنظيم الدولة لتزويج "المجاهدين" رجال الخليفة، فيما عُرف مؤخراً بجهاد النكاح، أبعد هذه الفوضى فوضى؟ أبعد هذا التدمير تدمير؟ أبعد هذا التشدد تشدد؟ أبعد هذا الخراب خراب؟ أين علماءُ المسلمين؟..

ونلاحظ على هذا التنظيم الملاحظات التالية:

أولاً.. اتخاذه الإسلام شعاراً له وراية "لا إله إلا الله" غطاءً لجرائمه، مما يدل على تعمده تشويه صورة الإسلام..

ثانياً.. أنه لم يخرج حتى الآن قائدٌ من قيادات داعش على أيٍّ من وسائل الإعلام وتقوم بنفي التهم المنسوبة إليها –إن كانوا يعتبرونها تهماً أصلاً- من سفك دماء المجاهدين وسبي النساء وذبح الرجال وإقامة الحدود على الأطفال والرجال أثناء الحروب وغيرها من المخالفات والجرائم الفظيعة في سوريا..

ثالثاً.. في تهجير النصارى في المدن العراقية شمالاً سكوتُ الدول الكبرى النصرانية التي تدعي حماية النصارى وتدافع عن حقوقهم وسكوت بابا الفاتيكان على تهجير النصاري في العراق واقتحام الكنائس، مما يعد أقوى دليل على تآمر دول الاستعمار وأن "تنظيم الدولة" هو صنيعةُ الاستعمار بامتياز بمعاونة مخابرات عربية معروفة بالاسم والوصف التي لها أهداف ومصالح إقليمية، ولو صفع أحدُ الإخوان المسلمين نصرانياً في فلسطين أو مصر أو الأردن أو تونس أو أي دولة عربيةٍ لقامت روما بكاملها..

رابعاً.. أن القناة الوحيدة التي تنظّر لهذا التنظيم هي قناة "العربية" صاحبة الأهداف المعروفة والأجندة المفضوحة، حيث لا يخلو شريطُها الإخباري من انتصارات داعش، فتقوم بتضخيم هذا التنظيم بشكلٍ كبير وبيانه في شكل البعبع والغول الذي يهدد أمنَ البلاد والعباد، ويتم في الوقت نفسه تقزيم بقية الجماعات السنية في العراق، ولا تذكر "تنظيم الدولة" إلا باسم "داعش"..

خامساً.. أن أحداً من التنظيمات السلفية على مختلف أنواعها الجهادية أو التقليدية في العالم لم يبايع الخليفةَ المنتظر ولم يرَ شرعيةً لهذه البيعة، وأن التنظيمات الإسلامية على الساحة العراقية لم تتعاون مع هذا التنظيم المشبوه في نشأته وأهدافه.. مما يدل على عدم الاعتراف بهذا التنظيم وأنه قد خرج عن طور ومنهج الإسلام في جهاده ورباطه وتوجهاته..



 
2014-08-11
اطبع ارسل